في تغريدةٍ على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، قال رئيس الوزراء التركي ورئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم داوود أوغلو: “في الساعة الخامسة من فجر اليوم -أمس- السبت أعدنا مواطنينا الذين كانوا مُحتجزين في العراق إلى أرض الوطن. أشكر من أعماق قلبي أسرهم التي تصرفت بكرامة وكبرياء”. ولكن ما هو الثمن الذي دفعته تركيا لاستعادة دبلومسييها وأطفالهم المختطفين في الموصل؟ وهل تحفُّظ أنقرة -فقط- على التحالف الدولي ضد “تنظيم الدولة الإسلامية”، رغم مشاركتها في جميع اجتماعاته، السبب، أم هناك صفقة أبرمت -بشكل مباشر أو غير مباشر- بين المختطفين وتركيا؟ جهاز الاستخبارات رئيس الوزراء داوود أوغلو اكتفى بمدح جهاز الاستخبارات التركي، ونسب إليه الإنجاز، ونفى وجود أيّ تدخلات أخرى، ولكن مصادر أخرى أشارت إلى أدوار متعددة من قبل أطراف داخل العراق للإفراج عن الدبلوماسيين الأتراك، خاصّة أنّها جاءت في أعقاب فتح الحدود التركية لدخول أعداد من الأتراك العالقين على الحدود، واتهامات وجهت إلى أنقرة بأنها تتحفظ على المشاركة في الحرب على “داعش”؟ سنستمر في إظهار قدرتنا “أوغلو” قال في أول تصريحات له بعد تحرير الدبلوماسيين: “لقد تمكّنا من إحضار أشقائنا -الرهائن- إلى الوطن باعتبارنا دولة قوية، لكن هناك من هم محرومون من وطنهم ومنازلهم”، وأضاف قائلًا: “لدينا قرابة مليون ونصف المليون من أشقائنا السوريين اللاجئين، وإخوتنا الذين جاؤوا من كوباني، وقبل ذلك هناك أشقاؤنا وأصدقاؤنا القادمون من العراقوسوريا من العرب والأتراك والتركمان والأكراد والإيزيديين والمسيحيين من سينصرهم، إنه وقت نصرتهم، ونجدة هؤلاء الأيتام”. وأكد أوغلو: “سنستمر في إظهار قدرتنا على حماية جميع مواطنينا في أي مكان بالعالم، ولن ننتظر لحظة واحدة لمسح دمعة مظلوم أيًّا كان طالما بإمكاننا ذلك”. ووجه الشكر إلى جهاز الاستخبارات التركي، وقال إنهم: “بذلوا جهودًا جبارة، خلال عملية تحرير الرهائن في الموصل، رغم كل المؤمرات التي حيكت ضد هذا الجهاز ورئيسه، إلا أن ذلك لم يثنهم عن العمل بتفانٍ مع بقية الجهات الأمنية خلال التحضير للعملية”. إلى شانلي أورفا وكان رئيس الوزراء التركي استقبل الرهائن الأتراك المحررين من تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق، بعد وصولهم إلى مدينة شانلي أورفا جنوبتركيا، والتقى بهم في المطار وعانقهم واحدًا تلو الآخر، كما أبدى اهتمامًا خاصًّا بالطفلين المحررين “كوزيي” و”إيلا”، وقال أوغلو: “وثقتم بدولتكم، وحكومتكم، ونحن أيضًا وثقنا بكم، سيكون عيدنا عيد الأضحى المبارك عيدين”، ودام اللقاء قرابة ساعة توجّه عقبه داود أوغلو، مع المحررين، إلى المدرج حيث استقل برفقتهم طائرته الخاصة للانتقال إلى العاصمة أنقرة. المستفزون .. من المعارضة وشنّ “أوغلو” هجومًا عنيفًا على مَن سمّاهم ب”المستفزين”-في إشارة إلى المعارضة التركية-، وقال: “أخاطب هؤلاء المستفزين.. وأعرف من حاولوا إرغامنا يوميًّا على الإدلاء ببعض التصريحات، بحجة القيام بالمعارضة، مجازفين بحياة أشقائنا الرهائن.. أقول لهم تخلّوا عن الشائعات، وتعالوا نفرح معًا اليوم على الأقل، اشعروا بما تشعر به الأمة، ولو مرة واحدة، واحزنوا وابكوا وافرحوا معها”. وأكّد رئيس الوزراء التركي أنّ “الشعب التركي يعرف كيف يتقاسم الألم والحزن والفرحة أيضًا، ويستطيع أن يسقط أقنعة الذين يحاولون استغلال الألم والحزن لأهداف سياسية، لقد سقطت الأقنعة اليوم”. وأضاف أن “مسؤولي حكومة الجمهورية التركية، التي تدير شؤون هذه الدولة، لا يستبدلون شعرة من شعر مواطنيهم بالعالم، وإننا مستعدون للتخلي عن كافة المناصب كي لا يصيبهم أي ضرر، وحتى التضحية بأرواحنا في سبيل ذلك”. أوزتورك يلماظ وطاقمه وقال داود أوغلو: “هناك الكثيرون ممّن حاولوا استفزاز أسر الرهائن، وقالوا إن القضية ستُستخدم أداة من أجل الانتخابات، والانتخابات الرئاسية وما بعده، فصبرنا وتحملنا”. ووجه الشكر لقنصل تركيا في الموصل أوزتورك يلماظ وطاقمه على الصبر والثبات الذي تحلو به، لأنهم كانوا واثقين بأن بلدهم الذي يمثلونه وشعبهم لن يتخلوا عنهم أبدًا. دائرة العمليات الخارجية وقالت مصادر تركية مطلعة في إسطنبول إن عملية إنقاذ الرهائن الأتراك ال (49) الذين احتجزهم تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) بالموصل، أشرفت عليها دائرة العمليات الخارجية، في جهاز المخابرات الوطنية التركية، ووصفتها بأنها كانت “عملية محلية”، تمامًا، نافيةً أيّ تدخلات إقليمية أو عالمية. وذكرت المصادر طبقًا لوكالة أنباء الأناضول، أنّ دائرة العمليات الخارجية، قامت بدراسة وتحليل كافة عمليات الخطف، التي قامت بها “داعش” سابقًا في سورياوالعراق وأفغانستان، عقب خطف موظفي القنصلية التركية بالموصل، وأطلقت عملية ذات نَفَس طويل لتحريرهم بسلام. وأضافت المصادر أنه في ضوء ذلك، وضعت دائرة العمليات الخارجية استراتيجية تعتمد على موظفيها المحترفين، وعناصر محلية في المنطقة، وطائرات بدون طيار، وأجهزة اتصالات إلكترونية، وتمكنت من إنقاذهم في نهاية المطاف. أولى ثمرات الاستراتيجية وأشارت المصادر -طبقًا للأناضول- أنه كانت أولى ثمرات الاستراتيجية، التي أعطت ألوية لسلامة أرواح موظفي القنصلية، تأمين إطلاق سراح (31) سائقًا تركيًّا كانوا رهائن في العراق، وذكرت أن موظفي القنصلية جرى احتجازهم في (8) عناوين مختلفة بالموصل، وكانوا تحت متابعة مستمرة من خلال طائرات بلا طيار، وعناصر أخرى على مدار (101) يوم، منذ اليوم الأول لاختطافهم، مؤكدة أنه لم يتم دفع أي فدية، ولم تُقبل أي شروط مقابل إطلاق سراحهم. العملية.. تأخرت قليلًا وقالت المصادر: “رغم التوصل لإمكانية تحرير الرهائن لنحو (5-6) مرات، فإن العملية تأجلت بسبب ظروف الحرب في المنطقة، وفقًا للمصادر التي أشارت أن العملية الأخيرة تأخرت قليلًا، بسبب الاشتباكات بين داعش، وحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي السوري)، وأن الرهائن دخلوا إلى تركيا عبر بلدة تل أبيض الخاضعة ل”داعش” في محافظة الرقة السورية وليس عن طريق المنطقة الكردية”. عائلات الرهائن وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن إنقاذ الرهائن الأتراك ال 49 الذين كانوا محتجزين في العراق، تم نتيجة لعملية ناجحة. وأضاف بيان صادر عن أردوغان: “تمكّنا إثر عملية ناجحة من إنقاذ قنصلنا في الموصل وعائلته والمواطنين الأتراك الذين اختطفوا من القنصلية، وبقوا محتجزين في العراق لفترة، نحمد الله على سلامتهم، ونهنئ الشعب التركي”. وأشار أردوغان إلى أن “العملية التي أسفرت عن إطلاق سراح الرهائن تم التخطيط لها مسبقًا بشكل جيد، وحساب كافّة تفاصيلها، ونفذت بسرية تامة طوال ليلة الجمعة وانتهت بنجاح في وقت مبكر من صباح السبت”. واعتبرَ أردوغان أن نجاح عملية إطلاق سراح الرهائن، يحمل أهمية كبيرة فيما يتعلق بإظهار المستوى الذي وصلت إليه تركيا، وأكد أن أول من يستحق الشكر هم عائلات الرهائن، التي تعاملت بصبر وثبات وأمل مع احتجاز أبنائها طوال تلك الفترة، متوجهًا بالشكر إلى وسائل الإعلام التي تعاملت بمسؤولية مع عملية اختطاف الرهائن، وحرصت على عدم نشر ما يمكن أن يهدد حياتهم. فيما قال نائب رئيس الوزراء التركي بولند أرينج، إن نجاح المخابرات التركية في استخدام جميع إمكاناتها لإعادة الرهائن الأتراك الذين اختطفوا في العراق، إلى تركيا دون أن يصاب أي منهم بأذى، أسعدَ الشعب التركي وأصدقاءه. وأشار “أرينج” في تصريحات للصحفيين في مدينة بورصة التركية، قبيل توجهه إلى العاصمة أنقرة، إلى أنّه كان يتابع بقلق وأمل، خلال الثلاثة أشهر الماضية، التطورات المتعلقة بالرهائن المختطفين، مضيفًا أن نهاية سعيدة جاءت بعد ذلك الانتظار المقلق. صبر وإتقان وسرية أما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، فقال إن إطلاق سراح الرهائن جاء نتيجة لجهود طويلة، تم تنفيذها بصبر وإتقان وسرية، معتبرًا أن تركيا نجحت في ذلك الامتحان، معبّرًا عن أمله في أن لا يتكرر ذلك الامتحان مرة أخرى. وأضاف جاويش أوغلو في تصريحات من نيويورك، التي يحضر فيها لقاءات في الأممالمتحدة، أنّ المسؤولين الأتراك كانوا يطلعون أهالي الرهائن على كافة التطورات المتعلقة بأوضاعهم، للتخفيف من مخاوفهم بعد المشاهد المروعة، التي كان تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ينشرها على شبكة الإنترنت. وقال جاويش أوغلو إن وعودًا بإطلاق سراح الرهائن، تم التعهد بها خلال المباحثات التي تمت عبر وسطاء، إلا أنّه لم يتم تنفيذ تلك الوعود، مضيفًا أنه “تم منح مهلة نهائية حتى (20) سبتمبر/ أيلول، لذلك تم القيام باللازم في ذلك التاريخ”.