غازل قيادي في جماعة الحوثي، مصر بتصريحات "طمأنة" تدعوها فيها إلى وقف مشاركتها في عملية "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية بمشاركة عربية ومصرية، فيما لوَّح آخر بتهديد مصالح مصر في باب المندب بغلقه إن استمرت القاهرة في المشاركة. وقال المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثيين محمد عبدالسلام، إن جماعته تواصلت مع مصر في أكثر من مناسبة لطمأنتها بشأن مصير باب المندب، وأرسلت إليها رسائل بأنها تحترم كل دول الجوار والاتفاقيات الموجودة، مشيرًا إلى أن الحوثيين لم يكونوا يتوقعون بأية حال من الأحوال شن عملية عسكرية عربية ضدهم. وأضاف عبدالسلام، في حوار أجرته معه صحفية "الوطن" (مصرية خاصة)، ونشرته الجمعة (27 مارس 2015): "ننظر بإعزاز إلى مصر العربية التي لها قيمتها، ثقافيًّا وسياسيًّا وتربويًّا وتاريخيًّا.. ولن نقبل أبدًا بأي شيء يضر أمن مصر القومي". واتهم "أطرافًا يمنية أخرى"، لم يذكرها، أنها التي تريد إثارة مخاوف مصر. وعن مصير باب المندب قال إنه "في يد القوات المسلحة اليمنية التي تديره منذ 5 سنوات، وهي تابعة للجنة الأمنية التابعة لوزارة الدفاع، ولم يحدث جديد؛ لذلك نطمئن دول الجوار بأننا لا نريد الإضرار بأي طرف. نحن من حمى مضيق باب المندب من وصول العناصر الإرهابية والقاعدة إليه"، على حد قوله. وفي المقابل، وجَّه قيادي آخر في جماعة الحوثي -هو علي البخيتي عضو مؤتمر الحوار الوطني- رسالة تحذير وتهديد إلى مصر، بأن جماعته ستضطر إلى إغلاق مضيق باب المندب إذا استمرت مصر في المشاركة بعملية "عاصفة الحزم". وكتب البخيتي في صفحته على "فيس بوك"، الخميس، تحت عنوان "الأشقاء في جمهورية مصر العربية، إغلاق مضيق باب المندب وارد جدًّا"؛ قال: "أتمنى ألا تنجروا لأي تدخل في اليمن؛ فلا مبرر لمصر في التدخل، لم نَعْتَدِ -نحن اليمنيين- على مصر ولا على مصالحها، ولا مشكلة لدينا في أن تأخذوا ما تمكنتم من أموال الخليجيين عبر دعمهم المعنوي أو الإعلامي، لكن أتمنى أن تتجنبوا أي تدخل عسكري مباشر أو إسناد عسكري أو لوجستي من أي نوع للعدوان العشري؛ لأن ذلك سيعتبر عدوانًا على اليمن وعلى شعب اليمن، وتدخلًا في شؤونه الداخلية". وأضاف: "أخشى أن يقوم الجيش اليمني والمجموعات المُسلحة المناصرة له -ردًّا على مشاركة مصر في عاصفة الحزم- بإغلاق مضيق باب المندب للضغط على مصر، وعلى دول الخليج وعلى دول العالم لإيقاف العدوان. والجميع يعرف أهمية مضيق باب المندب؛ ليس لمصر واقتصادها فقط، بل لاقتصاد دول الخليج والعالم برمته". كما لوَّح بدعم إيراني عسكري للحوثيين في هذا الأمر يشبه دعم إيران لحزب الله في حربه مع إسرائيل. وفي هذا قال: "لا أخفي عن الأشقاء في أرض الكنانة مصر، أن لدي معلومات مؤكدة أن الاستعدادات جارية لإغلاق المضيق عبر صواريخ أرض بحر (صينية الصنع مثل التي تم استخدامها في لبنان ضد البوارج الإسرائيلية في حرب ال33 يومًا 2006م) سيتم توجيهها من الشواطئ اليمنية على السفن بعد إطلاق تحذير لها وتحديد موعد واضح لإغلاق المضيق". وعلى حد قوله، فإن "هذا السيناريو تم وضعه وتدارسه والاستعداد له قبل أشهر من الآن. وخوفًا مني على العلاقات المصرية، تحدثت عن تلك المعلومات؛ حتى أمنع الكارثة التي قد تتضرر منها مصر كثيرًا". يأتي هذا فيما نشرت وكالات أنباء دولية مثل "رويترز"، و وكالة الأنباء الفرنسية، الخميس، أن مصر أرسلت 4 سفن حربية باتجاه خليج عدن لمهام تأمينية. كما يأتي هذا التهديد فيما يخضع اليمن الآن لحظر جوي وبحري تفرضه القوات المشاركة في "عاصفة الحزم"؛ ما يضمن صعوبة إمدادات الحوثيين بالأسلحة من إيران أو غيرها. وكان البخيتي في القاهرة وهو يرسل هذا التهديد، وغادرها عقب كتابته بقليل؛ حيث كتب على صفحته إنه غادر القاهرة إلى بيروت. وعن السعودية، قال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام، في حواره مع صحيفة "الوطن" المصرية: "نحن نتحرك وفق مطالب شعبية، ولا نريد علاقات عدائية مع دول الجوار، بما فيها السعودية، ونحن من دافعنا عن الحدود السعودية، وقدمنا لأجلها الشهداء، والسلطات السعودية تعلم ذلك"، على حد قوله. واعتبر كل "المخاوف" التي تثار لدى مصر والسعودية ودول الجوار "هي محاولات لأطراف سياسية داخل اليمن، تثير مخاوف لا وجود لها من أجل مكاسب سياسية فقط، ومحاولة لاستعداء الدول ضدنا". ونفى المتحدث باسم الحوثيين أن يكون لعلاقة جماعته بإيران تأثيرات سلبية على السعودية، قائلًا: "أنا كنت من الوفد الذي ذهب إلى إيران، وأكدنا للمملكة العربية السعودية أن كثرة الحديث عن الدور الإيراني في اليمن وعلاقتنا بإيران يعطي إيران أكبر من حجمها في اليمن". وبخصوص عملية "عاصفة الحزم"، قال عبدالسلام: "لم نتوقع أن يكون هناك تدخل عسكري في اليمن، سواء أكان هذا التدخل عربيًّا أو دوليًّا؛ لأن ذلك ستكون له تداعيات كبيرة وخطيرة، ونحن نعتبره بلا شك غزوًا وعدوانًا وانتهاكًا لسيادة اليمن، ونحن مستعدون لمواجهة أي تدخل عسكري. لكن أؤكد أننا لا نريد الحرب". وأكد المتحدث باسم الحوثي مجددًا موقف جماعته من عدم اعترافها بشرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، كاشفًا عن الخطوات التي ترسمها جماعته في حال تحقق أملها في إنهاء حكم هادي نهائيًّا، وهي استكمال الحوار الوطني وبدء مرحلة جدية لاستكمال بناء وشكل الدولة ومؤسساتها خلال مرحلة انتقالية يقودها مجلس رئاسي يجهز دستورًا جديدًا ويحضّر لانتخابات رئاسية وبرلمانية وحكومة على أسس من المشاركة واحترام الجميع. ولم يأتِ المتحدث باسم الحوثي على ذكر الخسائر التي تعرضت لها جماعته في "عاصفة الحزم"، أو السيناريو الذي تعده في حال انتهت العملية العسكرية إلى إنهاء الوجود الحوثي من الأماكن المهمة في البلاد، خاصةً صنعاء، والقضاء على قوتهم العسكرية.