إنني أتحسر وأعض على نواجذي لما وصلت إليه حالة أمتي وما يتجرعه بسطاء شعبي من الويلات والنكبات تلو النكبات ، والفتن تلو الفتن ، و فساد ذات البين ، والتفاف جميع هوام الدنيا تمزق جسدك يا وطني وتزرع الشوك في طريقك وتعمق جراحك وتعذب أبنائك فإنّا لله وإنّا إليه راجعون . ألا يكفينا ما نحن فيه ؟ ألا يكفي كل هذه الويلات والتداعيات والأزمات والتشتتات والتفكيك والتمزيق والسبات ؟ .
إنني أتعجب من أهلنا ومن شيوخنا وكوادرنا ، أليس منّا رجل رشيد ؟ , أليس من الحكمة التي نزعم وأد الفتن في مهدها ؟ , أليس من الواجب علينا جميعا أن ننبذ أي أعمال من شأنها أن تزيد الطين بله - كما يقال - وتزيدنا الماً إلى الم , وتشرذم إلى تشرذم ، وضياع إلى ضياع ؟, ألا يوجد بيننا ولا فينا من كلمته مسموعة لدى أبنائنا وأهلينا ؟, ألا نميّز الحق فنتبعه ونعرف الباطل فندحضه ؟ إنني هنا أعمم وليس وقت الكتابة بالخصوصيات فعسى أن يتعظ بها منّا أحد فيعود إلى رشده وتحيى فيه شُعِيرات قلبية وعقلة فيعود إلى أصله وفطرته السليمة .
ولِنوقف هنا وقفات ولنكن نوعاً ما صريحين بالقدر الذي لا ننّفر فيه طرف ولا نعادي أخر :
الوقفة الأولى :
نطالب الشخصيات الاجتماعية من عقلاء وشيوخ وتجار وأكاديميين ونشطاء أن يتحركوا تجاه أي قضية وليكن لهم الدور الفعال وأن يتحملوا مسئوليتهم تجاه مجتمعاتهم . إلى هنا تبدو مطالبتنا هذه منطقية فكلنا نطالب بذلك ، لكن من المفارقات العجيبة أن نطالبهم وأنا وأنت لم نتحمل مسئوليتنا , فهل وقفنا بجانبهم ؟ ، هل التففنا حولهم ؟ ، هل أظهرنا لهم التأييد الكامل ونحن نتبعهم في ما يرونه مناسب ؟ , هل ساهمنا في أي نوع من الدعم المادي أو المعنوي لهم ؟ أم أننا نطالبهم أن يقوموا بما هو عليهم وننسى ما هو علينا ، فلا تلوموهم ولوموا أنفسكم أولا ، فالوضع الذي وصلنا إليه لا فرق بيننا وبينهم في تحمل المسؤولية إلا ان لديهم علاقاتهم وكلمتهم مسموعة عند البعض لكنهم محتاجون للدّعم والتأييد والرجال الصادقين , إذن أن لم تدعم ولم تأيد فلا تثبط فلا تكن من المعرقلين لعملهم ثم تطالبهم بالقيام بواجبهم .
وقبل توجيه أصابع الاتهام إليهم فلنسأل أنفسنا : من يقوم بحل بعض المشاكل وحلحلتها ؟ من يقوم بالتواصل مع إطراف أخرى خارج يافع في حال أي مشكله ؟ ، من يكون هو واجهة يافع في ظل أنا وأنت منشغلين بأعمالنا ومصاريف أولادنا ؟ إذن هناك رجال بغض النظر عن ما يحملون من مسميات ، وأن كان لا بد من التسمية فلنسميهم رجال لهم قبول يحبون الخير ويعملون سراً وعلانيةً . فلماذا لا نشجعهم وندعمهم في أقل ما يكون بالقول وبالتأييد دام أنا وأنت لا نستطيع أن نعمل شي ولا نقدم شيء .
ليعذرني الجميع لكنني أقرأ وضعي وحالة أمتي وأهلي , لكني في الوقت نفسه لا أبرر تثاقل وتباطى وبعض الأحيان الهروب من قبل عقلائنا ومشايخنا ووجهائنا وتجارنا وكوادرنا اذن لتكن الوقفة الثانية معهم .
الوقفة الثانية : مع وجهائنا .
أيه الساعين للخير ومتحملي مسؤولياتنا في ظل انعدام النظام والقانون , كما أسلفت سابقا إنني لا التمس لكم ألأعذار ولا ابرر عدم قيامكم بكامل واجباتكم , فأنه يوجد قصور وفراق كبيرين, وما ادم أن لكم باع في مثل هذه الأمور , ولكم تاريخ وان كان ضعف في بعض الأوقات , فأنني أيضا من هنا أطالبكم بتحمل المسؤولية الكبرى , وأجركم على الله , فأن نويتم الخير وأخلصتم في السعي , فأنني على ثقة تامة بان رب العالمين سيوفقكم وسينصركم ويؤيدكم كما أسلفت أن صلحت النية وأخلص العمل , حقيقة هناك تشرذم هناك تمصلح هناك حب ظهور , لنمقت كل هولآئي الصفات الذميمة , ولننفض من علىينا الغبار , ولنبداء على بركة الله , وربي يحميكم وينصركم , وإنّا على صدق سعيكم وإخلاصكم وحبكم للخير بعدكم مناصرين ومتابعين , فدعوا وسعوا وتحركوا , أسال ربي أن يجعل سعيكم مشكورا .
الوقفة الثالثة :
إلى شبابنا وفلذات أكبادنا وسواعدنا وأيدينا التي نضرب بها بيد من حديد من يمس ديننا وقيمنا وعادتنا الطيبة ووحدة صفنا , فأنتم عماد الأمة وركائزها ، وأنتم جيل المستقبل المنشود ، وأنتم سواعد بناء المجتمعات ، وأنتم من لديهم الطاقات والعزائم ، وأنت من سيعيشون غدا وتحمون الوطن ، فلتبنوا وطنكم ولتعّدوا عدتكم للحياة بسلام ورخاء وإن تخاذلتكم اليوم عن واجباتكم فلن تجدوا أمامكم سواء المتاعب والشقاء . أخواني الشباب أنتم من عليكم بعد الله أملنا في الخروج مما نحن فيه , فأما أن تكونوا دعاة خير ومحبه وإصلاح وأما عكسها , أما أن تكونوا وسائل بناء للمجتمعات وأمّا أن تكونوا وسائل هدم , - بناء وهدم - لا أعني ظاهر الكلمة أنما بناء بالأخلاق بالقيم والعزيمة والبناء الفعلي ، وهدم من تخلف من جهل من عدم تمييز الحق من الباطل , من تقليد أعمى , من هدم بكل ما تعنيه الكلمة للمجتمعات .
قيم نفسك أخي وليكن لك قواعد وليكن لك مرجعيات لأعمالك ولتكن في مقدمتها ولائك لله ومن ثم لوطنك واهلك وللحق أين ما وجد , ليكن لديك تقدير للنفس البشرية ، ليكن لديك من أخلاق سيدنا وحبيبنا محمد صل الله عليه وسلم وأخلاق إسلافنا ومما حثت عليها شريعتنا المطهرة , من احترام للكبير ورحمة للصغير ومساعدة المحتاج والعطف على المساكين والعمل لمصحة دينك وأهلك وشعبك ووطنك , هذا هو أملنا بك فما عساك فاعل , لتكن أنت البذرة الصالحة التي تبني وتحب الخير للجميع , ليكن ذكرك يفوح بالخير ولنذكرك دائماً بمحاسن أخلاقك , إنني هنا أوجه كلماتي وعسى أن تلاقي أذان صاغية تسمع وتعي ما أقول , أيه الشاب قبل أن تقدم على أي عمل تأكد هل هو خير أو شر ؟ هل يرضي الله ورسوله ويوافق شريعتنا الغراء , أم انه إتباع أعمي وتقليد فلان أو علان يأمرك بما لا يفعل ، ويجندك لماهو به منك أجهل . أخي الشاب ليكن كلامي معك من القلب إلى القلب ووالله ما نريد إلا خير وصلاح لك وللأمة :
هل يرضيك أن تأذي مواطن مسكين؟ هل يشرفك أن تعرقل مكافح عن أسرته وأهله ؟ هل يشرفك أن لا تسمع كلام اهلك وقبيلتك , هل تعده ظلم الناس والبطش بهم والسطو على حقوقهم بطولة ؟ اسأل ربي لنا ولك الصلاح اللهم آمين .
إنني لا أملك عصا سحرية أهدي بها شبابنا إلى الخير والصلاح , لكنني أملك دعوة خالصة من قلبي إلى من يملك القلوب , أدعيه أن يرد شبابنا إلى ما فيه الخير لهم ولدينهم وأهلهم ومجتمعهم اللهم آمين .
وما كتاباتي هنا ونشر بنيات فكري بمنظوري القاصر والناقص , والمصاغة بقلمي الركيك ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعية , وذلك لما تتطلبه المرحلة فهو واجبي تجاه ديني وأمتي وأهلي ووطني ووفق إمكانياتي المتاحة , سأكتب وأشيد وانتقد بنفس الوقت , النقد البناء الذي يرجى منه التصحيح , وليس نقداً هدّاماً ، وليس تتبع عثرات وتشهير والله من وراء القصد , فان خانني التعبير أو أخفقت في نقل الفكرة أو في صياغة الجمل والعبارات أو أخطأت بغير قصد , إلا أن لي أجر حسن نيتي واجتهادي وما توفيقي إلا بالله .
ولا أفّوت هذه الفرصة لأشكر عبر منشوري هذا كل من يشد على عضدي ويشجعني بالاستمرار في كتاباتي .
فجزآكم الله خيرا , وأسال ربي أن أكون خير مما تظنون وان يغفر لي ما لا تعلمون اللهم آمين .