في مداخلة تلفزيونية على إحدى الفضائيات العربية ظهرت الدكتورة اليمنية مناهل ثابت متحدثة على عباقرة العالم و ناقشت معها المذيعة موضوع العباقرة في الوطن العربي مقارنة وضعهم، مشاريعهم، و أفكارهم، بالغرب و أهل الأفكار من الشباب فيه. و كتعليق على ما قالته الدكتورة مناهل ثابت رئيس جمعية العباقرة العالمية أقول أنه لا معرفة حقيقية يمكن أن تتأتى لأي إنسان و تبدو مكتملة في تكوينها و هيئتها إلا إن قامت على مبدأ أو لنقل بنيت على طريقة المقارنة و قد قيل في هذا " و بضدها تتبين الأشياء" و قيل أيضا " و الضد يظهر حسنه الضدا". بتوفيق الله لا يملك العرب أي حسن في هذا الموضوع في حالات المقارنة بالغرب و مشروعات الشباب فيه و لنقل أن العرب يحاربون المبدع حتى يفشل و في الغرب يدعمون الفاشل حتى ينجح... الدكتورة مناهل قالت المفيد في هذا و لسان حالها "ياليت قومي يعلمون" من خلال مقارنة بسيطة و عميقة خبرتها هي بتنقلها الدائم الذي يحكمه عملها بين الشرق و الغرب. إن أهم العقليات الفذّة في تاريخ العرب و في تاريخ الفكر الإنساني لم تكن لتقدم ذلك أفكارها العظيمة التي أدهشت العقلية البشرية و سمت بها. إلى مصاف الرقي الحقيقي كانت قد تميزت بامتلاكها لثقافتين استطاعت بها أن تمد جسرا بين حضارة الشرق و الغرب و هما ثقافة العقل و ثقافة القلب، ثقافة الروح و ثقافة المادة أو هي المادية و المثالية و ذلك ما يعجز حقا البناؤون عن تشييده و مده. أعظم الروايات الفكرية عربيا كتبها من عاشوا متنقلين بين الشرق و الغرب كتوفيق الحكيم و يحيى حقي و غربا يكفي أن نذكر من المعاصرين باولو كويلو و أمثاله كثير. هذا المقال يتحدث عن عمق الرؤية و الفكرة المكتملة التي يستحيل أن تكتمل و هي ذات وجه واحد و من زاوية واحدة. لقد أكدت مناهل ثابت في مداخلتها أو في أحاديثها في محافل و مناسبات أخرى أن الشباب العرب لا ينقصهم الإبداع و الفكرة و لكن ينقصهم الجدية التي لا تملكها الجهات المختصة في التعامل مع أطروحاتهم كبرت أو صغرت بينما في الغرب يتم أقصدت أفكار بسيطة للشباب بطريقة تستحق الإشادة فتحولها إلى مشروع حقيقي في حين يملك و يقدم الشباب العربي ما هو أفضل منها بكثير لكن الإهمال الذي يتم مقابلتهم به حليفهم دائما. حاليا تعكف مناهل ثابت على إنجاز مشروع هام جدا من أجل الموهوبين في بلاد العرب و بلا شك و لأنها هي من يدير المشروع و يقوم عليه فسينجح و سيثمر طيبا. هناك ظواهر فردية تظهر في بلاد العرب و حينا يتم تغييبها و حينا تنوء بنفسها بعيدا عن هذه البلاد التي يتنامى كسادها المعرفي في كل يوم بسبق الإصرار و التعنت. و من المؤكد أننا عندما نسعى إلى تحديد أصالة الأفراد، أي دراسة الظواهر الفردية التي لا شبيه لها ولا تحديد، و لتكن مناهل ثابت نموذجنا هنا، فإن دراستنا لا يمكن أن تقتصر عليهم، مهما بلغت عظمتهم، وذلك أولاً لأننا لن نعرفهم إذا لم نرد أن نعرف غيرهم، فأمعن هذه الظواهر أصالة إنما هو إلى حد بعيد راسب من الأجيال السابقة وبؤرة للتيارات المعاصرة، وثلاثة أرباعه مكون من غير ذاته، فلكي نجده هو في نفسه – لابد أن نفصل عنه كمية كبيرة من العناصر الغريبة، يجب أن نعرف ذلك الماضي الممتد فيه، وذلك الحاضر الذي تسرب إليه، فعندئذٍ نستطيع أن نستخلص أصالته الحقيقة وأن نقدرها ونحددها، ومع ذلك فلن نعرفه عن تلك المرحلة إلا معرفة احتمالية، ثم إن الخصائص التي تميز العبقرية الفردية ليست أجمل ما في تلك العبقرية وأعظم لذاتها، بل لأنها تحمل في حناياها الحياة الجماعية لعصر أو هيئة، وترمز لها أي تمثلها. ومن ثم وجب علينا أن نحاول معرفة كل تلك الإنسانية التي أفصحت عن نفسها خلال كبار العقليات، كل تلك التضاريس الفكرية أو العاطفية الإنسانية أو القومية التي يرشدوننا إلى اتجاهاتها وقيمها..