حينما تُذكر (تعز) يتبادر إلى الأذهان العلم والثقافة والأدب والفنون والجمال, يُذكر القلم والحرف والكلمة والرقي في التعامل.. أقترنت مدينة تعز منذ القِدم بكل جميل ورائع, وطرزت بثقافة شبابها وأهلها كل بقاع اليمن, فما من مواطئ قدم إلا (وللتعزيون) فيه مكان وعلم,وصِيتٌ حسن.. هم للعلم وللقلم وللحرف وللأدب وللفن أقرب منه للعبث وللفوضى وللهمجية وللعنجهية, يحملون الأقلام فيخطون بها على صدر الزمان أبلغ الكلمات وأروع الألحان, ويسطرون بفنهم وأدبهم وأخلاقهم أعذب الكلمات وأرقى القصص وأجمل الحكايات.. تعز .. المدينة الحالمة هكذا عرفتها وعرفها القاصي والداني, وهكذا كان ينظر إليها الكل بفخرٍ وإعتزاز وشموخ, لم يكن (للجغرافيا) يوماً سبيل لمحبي تعز الفن والثقافة, فالكل على إختلافهم يعشقون هذه المدينة الولادة بالأدب.. تعز التي حملت القلم بيدٍ وحملت السلاح بيدٍ أخرى لتقول كلمتها في معترك الحياة السياسية (وخضم) الثورة التي أحتاجت ربوع اليمن , فكان القلم (التعزي) ينسج أجمل الكلمات وأعذبها أشعلت حماسة الثائرين وزادة من عزيمتهم وإصرارهم للمُضي قدُماً نحو العليا .. ولكن هاهي اليوم مدينة الثقافة والأدب والفن والحب والسلام تُذبح من (الوريد) إلى الوريد وتُمارس فيها أبشع أنواع القتل والتنكيل والتدمير والعبثية, هاهي اليوم المدينة الحالمة حبلى (بالمآسي), ومتخمة بالهموم والألم والوجع بفعلة (ثلة) من الأوغاد الذين أذلوا أعزة أهلها.. مدينة القلم والحرف بات صوت الرصاص فيها هو (السائد), وأضحى أنين النساء فيها هو (المُدوي), وغدت صرخت الأطفال هي سيدة الموقف , بات الخوف والرعب يجوس في شوارع المدينة وأزقتها تتبعه أنفاس (الموت) ولعلعة الرصاص القاتل.. الجثث هنا وهناك , والحزن يخيم على كل شبرٍ فيها , والهلع يحكم وثاقة على تلك (النسوة) اللأتي لا حول لهنَ ولا قوة, همجيون يمارسون القتل (ليل) نهار, ويعيثون في المدينة فساداً وعبثاً وهمجية بدمٍ باردٍ وأعصاب ماتت فيها الإنسانية.. أوغاد تافهون (وثلة) مرتزقة أهلكت الحرث والنسل, وأحرقت الأخضر واليابس وأحالت المدينة إلى مدينة أشباح يسكنها الخوف ويتملك الذل والخوف أهلها من بطش تلك الأيادي المتعطشة للدم ولإزهاق الأنفسة البريئة دون ذنب يُذكر..