المعركة الكبرى ليستْ معركة يتنصر فيها طرف على الآخر ! المعركة الكبرى هي معركة جريحٍ يعود إلى أهله وذويه بعد حروب طاحنة ولا يستطيع توفير قيمة علاجيه ولا يجد راتباً كافياً ليسدّ به رمق جوع أولاده ! المعركة الكبرى هي معركة موظفٍ لا يكفيه راتبه لتغطية نفقات الارتفاعات المستمرة في الإيجار و الغذاء ! المعركة الكبرى هي معركة مريضٍ يأنُّ من الألم وليس لديه قدرةٌ للذهاب إلى مستشفىً خاص ! المعركة الكبرى هي معركة طالبٍ متوفقٍ قطع دراسته لكي يعيل أسرته ! المعركة الكبرى هي معركة أمٍ فقدتْ ولدها وفلذة كبدها في أتون حربٍ لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، تمر عليها الليالي وهي تقلب في ملابسه وتشم رائحته وتسترجع ذكرياته وصوره ! المعركة الكبرى هي معركة أبٍ يفكر في الإنتحار بعد أن أُغلقتْ في وجهه كل الأبواب ، فبات الإنتحار عنده - والعياذ بالله - راحة من جبال الهموم الثقال ! المعركة الكبرى هي معركة أسرةٍ تكافح فتياتهنّ العفيفات في النهار في مهن بسيطة ضاعت عليهن أحلام الدراسة وصور التخرج بين قسوة الواقع ولقمة العيش ، يظلنَّ يبكينَ طوال الليل ولا يشعر بهن أحد ! المعركة الكبرى هي معركة أسرةٍ أعطاها صاحب المنزل موعداً حتى نهاية الشهر لإخلائهِ وليس لديهم مأوىً سوى الشارع ! المعركة الكبرى هي معركةُ الحياة هي معركة الشرف والعفاف لتوفير سبل العيش الكريم في زمنٍ إدلهمتْ فيه الخطوب وكثرتْ فيه الفتن وقل فيه الأصدقاء وزادت طوابير النِخاسة والمستغلين والمتربصين وصناع الأزمات وتجار الأسواق السوداء ومنزوعي الإنسانية ومتجردي الضمير , زمن قل فيه الناصر والمعين ... ‘‘ يا أيها النّاس أَطعموا الطعامَ وصِلوا الأرحامَ وصَلوا بالليلِ والنّاس نيامٌ تَدخلوا الجنّةَ بِسلام ‘‘ .