توفي أحد شيوخ العشائر ، وأرادت العشيرة تنصيب شيخ جديد ، لأن إبن الشيخ صغير على المشيخة. وطرحوا أسماء خمسة من أبناء العشيرة للمشيخة، وبعد ان اختلفوا كل واحد منهم تنكر بلباس حتي لا يعرفهم القاضي، بعدها ذهبوا للقاضي ومعهم الولد الصغير إبن الشيخ المتوفى ، وعندما وصلوا تركوا الولد الصغير مع الغنم ودخلوا عند القاضي.. وبعدما سمع القاضي كلامهم ، صب لكل واحد منهم فنجان قهوة وقال لهم : أريد من كل واحد منكم أن يعيد الفنجان فاضي بشرط ان لا تشربوا القهوة ولا تكبوها... احتارو وأصبحوا ينظرون بوجوه بعضهم ؛ولما رآهم القاضي محتارين قال لهم : شيخكم الميت عنده عيال......؟ قالوا له نعم لكنه صغير بالعمر وأحضرناه معنا، وتركناه مع الغنم.... فطلبه القاضي واعطاه فنجان القهوة وقال له : أريد منك ان تعيد الفنجان فاضي بشرط ما تشرب القهوة ولا تكبها .. وضع الولد طرف الشماغ بالفنجان إلى أن امتص القهوة كاملة ، وقال للقاضي : فنجانك فاضي وقهوتك على راسي .. حينها قال القاضي للولد : ماهو المكسب، وماهو راس المال، وماهي الخسارة؟ قال الولد للقاضي : المكسب هو ان تكون افضل من ابيك، وراس المال ان تكون مثل اباك، والخسارة ان تكون اردئ من ابيك . قال القاضي : عزك الله،انك تستاهل المشيخة، قوموا يا رجال خذوا شخيكم، وارحلوا. وانت تشاهد اليوم محاولات مستميتة لمكونات جنوبية اخذت وقتها وحظها مع الشارع الجنوبي، وكيف تحاول التغريد خارج سربها، سربها ذاك الذي ذهب بعيدا عن غابة الجوار الجائر عائدا الى ارضه . الغريب في الامر، عندما تجد طالبي المشيجة والقيادة وهم يهتفون للقاضي طلبا لها. فيما الفشل والتنصل كان دائما عنوان تاريخهم الطويل. ولطالما اثبتت سنوات مضت عجزهم عن التعامل الفطن مع قهوة الشيخ. من الغباء والحمق ان يؤخذ على المجلس الانتقالي حداثة عهده، فلربما قد اوتي من القدرة والامكانات والظروف المحيطة محليا واقليميا ما يساعده على تحقيق المطلب الشعبي الاوحد للجنوبيين كافة. فالمتابع بواقعية وموضوعية وبعيدا عن العاطفة، سيجد بلا شك ان ثمة فرقا كبيرا وبونا شاسعا بين أداء كيانات جنوبية سابقة هرمت وهي لم تغادر غرف اعداد الخطابات بعد، وما قطعه المجلس الانتقالي اليوم حقيقة وعلى ارض الواقع. اذ بامكان اي محايد حتى ان يلمس الدور الذي بات المجلس الانتقالي يلعبه، فمسألة الذهاب الى انشاء معسكرات جنوبية بعدتها وعتادها وامام ناظري دول التحالف بل وبدعمها المباشر لا تحتاج الى شرح او تفسير يوضح مدى العلاقة التي بات يحظى بها المكون الجنوبي الحديث، ناهيك عن التمدد الدبلوماسي خارجيا الذي حققته دائرة العلاقات الخارجية بالمجلس، وكثير من الامور التي تفرد المجلس الانتقالي بها حتى الان عن غيره من المكونات الجنوبية الاخرى ولاسباب كثيرة .. الشاهد هنا، انه وطالما كان المجلس الانتقالي اقرب للفرصة وانسب للمرحلة ظرفا ومكانا، فلا ضير اذن للمكونات الاخرى ان هي كفت عن التشكيك والمناكفات الاعلامية وافسحت المجال له بتوفيرها أجواء صحية غير مشحونة يتمكن من خلالها قيادات الانتقالي العمل بحذق ومسؤولية، وهي بذلك ايضا تعد فرصة لها في اثبات إدعاءها بغير جدوى المجلس الانتقالي. حتى اللحظة، وان كان ببطئ يبدو ان المجلس الانتقالي يتعامل جيدا مع قهوة القاضي مؤكدا له استحقاق الثقة والدعم، لذا لا مشكلة من الانتظار قليلة حتى سماع قول القاضي ووفاء الاشقاء لحليفهم الجنوبي الذي لم يخذلهم يوما .. كل ما نرجوه حقا ان يكون المجلس بنفس جدارة الولد الشيخ، وان يكون اشقاء التحالف بنفس رجاحة عقل القاضي، فالجنوب صراحة لم يعد يحتمل المزيد من اسئلة القاضي ونكبات الثقة ومشاريع الوهم، لانه وببساطة فقط، نحن قد! هرمنا ... هرمنا .