في كل دولة من دول العالم المتقاعدون فيها لهم وضع خاص ، لقد أكرمو الأوطان ، بنو أوطانهم وساهمو في سنوات حياتهم بالعمل والبذل والعطاء والبناء ، إلى أن أخذ الوطن منهم أجمل ايّام العمر ، وحتى بعد أن تقدم بهم العمر لم يتذمروا أو يخذلوا الوطن ، فكانوا معاول البناء ، ولهذا في دول العالم لهم وضع خاص وخاص جداً وهم يعتبرون مرجعيات ومستشارين للكثير من الدوائر التي عملوا بها ويتقررلهم راتباً يحفظ لهم مكانتهم وحياة معيشية كريمة .. الكثير من الدول تقوم بعمل برامج سياحية للمتقاعدين للعديد من مناطق العالم بمبالغ رمزية ، تكريماً لهؤلاء الذين قدموا لأوطانهم الكثير. وطوعت تلك الدول القوانين لتترجم اهتمامها بالمتقاعدين ، وحققت مؤشراً عالياً في تحقيق السعادة والعيش الكريم لهم ولأسرهم .. إلا في بلدنا اليمن ، فالمتقاعدين رواتبهم لا تكاد تفي بمصروف شخص واحد من الاسرة ولكنهم كانو راضيين على ماحققوا من خدمة وبذل وعطاء للوطن ، وكافئها ممن هو في قيادة الوطن بالموت أمام أبواب البريد والمصارف التي لا توفر لهم هذا الراتب الضئيل و الضئيل جداً أمام متطلبات الحياة وتركوهم على قارعة الطريق فدفنوهم أحياء. التقاعد من أصعب فترات حياة الإنسان وحتى نجعل هذه اللحظات معبرة ومؤثرة في حياته ، فيجب علينا إكرامهم لا إذلالهم ، يجب أن نقدم لهم بعد العمر الذي قضوه في صروح أعمالهم يشع منه الضياء .. حافل بالعطاء بجهودهم التي لم تعرف الكلل ولا الملل ، ولكننا ما نشاهده اليوم من هامات أنهكها المرض وهامات على قارعة الطريق لا تملك ما تسد به رمق العيش .. وهم يشاهدون اليوم ممن تسلقو سلالم الوظيفة بسرعة البرق ويحصلون على رواتب لأعوام كاملة قضوها في نفس الوظيفة أو المرفق ذاته.
- ولهذا نجد الحسرات على وجوههم ، لانهم لَم يجدوا حتى أي تقدير وعرفان بما قدموا في حياتهم .. ولكني أرسل لهم برسالة حب من هذا الوطن المكلوم مثلهم المغدور من ابنائه ، أقول إلى كل من بذل وأعطى وساهم في وضع لبنة على تراب وطننا الشامخ الجريح أيا كان مجاله ومسيرته ، يا صاحب الفعل الجميل ... يا صاحب القلب الكبير ... يا منبع الإحسان ... ويا مشعل النور الذي أضاء لنا الطريق وبدد ظلام ليل حالك منذ فجر الثورة ومسيرة البناء ، اننا نضع قبلاتنا على جبينكم وننحني إجلالاً وتكريماً لمسيرتكم ، ونأسف والوطن على ما أصابكم .. ونسأل الله أن يتولاكم.