ولما كان في بداية التفكير والتخطيط لصناعة ثورة الخلاص من كهول العبودية وأساطين القمع وهواة سياسة القبضة القبلية والطائفية والرجعية الظالمة وإن كان من أهم أسبابها همجية الإنسان وهيمنة الفرد وسيطرة عوامل الجهل والفقر والمرض والتخلف والفساد وعدم وجود ثقافة سياسية علمية عالية الجودة ولا ايضا هناك توجد ترجمة صحيحة لهذه الخطوط لكن كان الرفض المباشر من كل قطاعات شعبنا الأبي في الجنوب والذي كانت تسوده العشوائية والفوضى وعدم الانضباط وان كنا أيضا في ذلك الوقت العصيب بحاجة إلى تغييرات جذرية في الشمال حتى تكون اراضيه لنا والخط الأول لإعلان الثورة الجنوبية الام وتفاصيلها والإفصاح عن هويتها وتوجه القيادات الجنوبية نحو طريقة اللجوء إلى أسلوب النضال المضطر بعد فشل كل المساعي الأممية والدولية من تحقيق أي تقدم مع المستعمر البريطاني بشأن استقلال الجنوب العربي وخروجه من قبضة الاستعمار وأعوانه. ومن هذا المنطلق تحققت الأهداف وساعدنا كثيرا قيام انقلاب 26 من سبتمبر عام 1962 بقيادة النخبة العسكرية تحت زعامة الزعيم عبدالله السلال الذي فتح لنا طريق الحرية والاستقلال ومن الجنوب حرية التنقل داخليا وخارجيا وكما كان لمصر العروبة عبد الناصر الدور العظيم الشريف والنظيف ذات التأثير الكبير على مستوى كل المسارات الداخلية والخارجية سياسيا وعسكريا ودعما ماديا ولوجيستينا في ذلك الوقت هذا الأمر سهل للجبهة القومية ورموزها تنظيمها الأشاوس سرعة التحرك نحو اتجاه الأهداف التي رسمها الميثاق الوطني الدستور لدولة الجنوب المؤقت. ومع بداية فتح الحدود الشمالية لمناضلينا ومقاتلي وثوار ثورة. الرابع عشر من أكتوبر الخالدة وبقيادة رائدة النضال الجبهة القومية في العام 1963 حيث فتحت كل الأبواب والمناخات والمجالات وانخرطوا كثيرون من شباب الجنوب الثوار والمثقفين والأدباء والكتاب ورجال الإعلام الحقيقيون الذين شاركوا وساهموا كثيرا وترجموا كلمات ومعاني أهداف الثورة الاكتوبرية في الجنوب واوصلوا صوت الثورة الجنوبية إلى أصقاع العالم حيث كانوا هم سبب مهم من أسباب أسس النجاح القواعد والمواثيق التي وضعها المثياق الوطني والطموحات والتطلعات الواضحة والأحكام الثورية الصريحة القوية والصارمة والمقيدة للتجاوزات أو ارتكاب الأخطاء والالتزام بمبادئ العمل الفدائي والسياسي أثناء مواجهة جيش الاحتلال البريطاني وحلفائه على مستوى كل الجبهات ومدينة عدن وأهلها كان لهم الدور الكبير في إنجاح العمل الفدائي وبالفعل استمر الحال حتى تحقق الاستقلال ورحل الاستعمار البريطاني وعصاباته من كافة الأراضي الجنوبية بحرا وبرا وجوا. وكان لوفدنا عظمة الانتصار عندما تم إسقاط المناطق أثناء الحوار في جنيف مع مندوب بريطانيا ومندوب الأممالمتحدة الخاص بهمة لجنة تصفية الاستعمار. ولكن ما شاب هذا الانجاز العظيم الذي قدمنا من أجله قوافل من الشهداء والجرحى والمعاقين من تعثرات وعرقلات ومؤامرات وصراعات وتراكمات وتدخلات إقليمية ودولية ومحلية والخروج عن القسم الثوري لبعض القيادات الطفيلية عن مبادئ وأهداف المثياق الوطني الذي حدد المهام والمسافات والأهداف المناطة بكل قائد أو مناضل في صفوف الجبهة القومية حينها وعمل الميثاق محاذير وضوابط وما يتناسب مع ظروف الحرب الباردة التي صنعتها الدول الكبرى في مناطق كثيرة من العالم التي اقتسمت وقسمت العالم إلى نصفين وفق مصالحها الذاتية وتحت مسميات اشتراكي ورأسمالي ووفق مصالحها الخاصة وأعطت اسم للدول العربية والإسلامية مسمى العالم الثالث الذي لا يتمتع بثقافة التغيير أو الإصلاح أو منحته حق البحث عن ثرواته وحقوق السيادية على شئونه بل زادت الطين بلة عندما أدخلته في مشاريع الانقسامات والاستقطابات السياسية الداخلية قد أشغلت هذا العالم الثالث بصراعات جانبية أبعدته عن أهم مصالحه الاقتصادية لخمسون سنة مضت ومثلها قادمة ثم انشئت الكيان الصهيوني في فلسطين الذي ايضا الذي كان محورا هاما ساهم في إثراء عملية الصراع العربي الصهيوني الكاذب الذي أضاع كذلك على العرب والمسلمين كثير من الوقت وكما حافظت الاشتراكية والرأسمالية على أن يظل هذا التوجه قائما وسائدا وحتى تبنى كيانات أخرى في الوطن العربي وفي افريقيا وكذلك شرق آسيا حيث استمرت هذه التوجهات كوصفات سياسية وثقافية بحسب الاتفاقات والتوجهات للدول الكبرى وظلت الأنظمة العربية تتهاوئ وتتساقط وتهتز وكل يوم يظهر لنا انقلاب وكبرت المكايدات وتوسعت شقة الخلافات حتى وصلت إلى السحل والقتل للقيادات المعارضة لتلك التوجهات المعادية ضد الثورات في الوطن العربي وما يحدث اليوم أمامنا هو موروث قديم ناتج عن سياسات دولية صهيونية خبيثة تديرها دائر استخباراتية عالمية وصهيونية. وكما قد خسر الوطن الجنوب أخلص رجاله وأنظف وأنزه مناضليه ومن ذوي الخبرات الكبيرة والتخصصات الجمة ولقد كان عامل التطفيش والتصفية قائما من قبل الأغبياء والمتطرفين والمتطفلين الذين لا يفقهون في علم السياسة والعسكرية مثقال ذرة في نفوسهم الحاقدة ومن هنا ضاع الجنوب والشمال واليمن كله وهدرت هويته وتبددت قوته ومقدراته فهل من صحوة جماعية جنوبية تحسم الأمر وتنقذ ما تبقى من فتات المراحل الماضية والله المستعان.