في صباح يوم الثلاثين من نوفمبر 1967م احتفل شعب الجنوب بتحرير أرضه من المستعمر البريطاني الذي جثم عليها على مدى 128 عاما، وبانبلاج صبح ذلك اليوم العظيم سجل ميلاد دولته الحرة المستقلة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بحروف مشرقة من نور شمس صباحه الذي بعث في النفوس فرحاً وبهجةً وسعادةً، ولقد امتزجت في مخيلة شعب الجنوب في ذلك اليوم أحلام كبيرة وأماني عريضة فكان في اعتقاده بنيل بلاده الاستقلال صار طريق مستقبلها ممهداً بالورود وما عليه سوى السير نحو الأمام لتحقيق جميع أمانيه وقطف ثمار الخير الوفير، ولم يكن يعلم بما تخفيه الاقدار في ذلك الطريق من منعطفات خطيرة وعقبات كثيرة!. وإليكم مقتطفات لمجرى الأحداث خلال شهر نوفمبر 1967م، حيث تم إستبعاد جبهة التحرير كتنظيم له تأثير في الحركة الوطنية بعد ما اسفرت أحداث الاقتتال الأهلي في الاسبوع الاول من شهر نوفمبر عن سيطرة الجبهة القومية على جميع مناطق ضواحي عدن بمساندة وانحياز الجيش العربي في الجنوب إلى جانبها، وبعد ذلك بادرت قيادة الجبهة القومية باصدار أول عدد من الجريدة الرسمية تحت عنوان الجبهة القومية وذلك في 1967/11/10 والتي تضمنت قرارات من القيادة العامة للجبهة القومية، ولكي تشير بذلك إلى توليها وبشكل عملي لمقاليد السلطة قبل أن تتسلمها رسمياً من بريطانيا، وألزمت القيادات العسكرية والشعبية تنفيذ قراراتها المحددة في الجريدة الرسمية وحذرت من نتائج عدم الانصياع لتلك القرارات، وهذا الإجراء يعبر عن مدى اتساع سلطة الجبهة القومية فبريطانيا أحتفظت فقط بكريتر وخورمكسر والتواهي لتأمين انسحابها النهائي، بينما الجبهة القومية أكدت سيطرتها الفعلية على غالبية مناطق عدن والجنوب وفي اليوم التالي 11نوفمبر بعث سيف الضالعي رئيس المكتب السياسي للجبهة القومية رسالة إلى وزير خارجية بريطانيا عن طريق المندوب السامي البريطاني أكد فيها أن الجبهة القومية تعبر عن الإرادة الشعبية وإنها تتولى السلطة فعلاً وإنها قد شكلت وفد للتفاوض مع بريطانيا حول نقل السلطة السياسية على أن يكون موعده في حوالي 20 نوفمبر67م، وقد وافقت بريطانيا وتم اختيار جنيف مقراً للتفاوض حيث يقوم لورد شاكلتون برئاسة الوفد البريطاني وكان الوفد الذي شكلته الجبهة القومية مكون من قحطان محمد الشعبي رئيسا، وسيف الضالعي، وفيصل عبداللطيف الشعبي، محمد أحمد البيشي، عبدالفتاح إسماعيل اعضاء بالاضافة إلى تسعة من المستشارين منهم الرائد سالم المناحي من جيش البادية الحضرمي. وفي مؤتمر صحفي عقده رئيس الوفد قحطان الشعبي حدد فيه موقف وأهداف المفاوض الجنوبي بالنقاط التالية. 1- تحقيق الاستقلال الفوري، والتأكيد على وحدة أراضي الجنوب بما في ذلك كل الجزر. 2- رفض الاتفاقيات العسكرية، وعلى بريطانيا تسليم ممتلكات الجيش البريطاني في الجنوب. 3- فض الأحلاف السياسية ورفض الانضمام إلى الكمنولث، وطلب إنهاء كل معاهدات بريطانيا السابقة مع السلاطين والاتحاد. 4- رفض القيود الاقتصادية والمالية والقبول بارتباط محدود بمنطقة الاسترليني وطلب معونات مالية غير مشروطة. ولم يكن هناك خلاف كبير حول النقاط عدا المعونات المالية. وتم إعلان استقلال جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في 30-11-1967م.