مثلما تتأثر الأوضاع الداخلية في الجنوب بالتطورات العربية والإقليمية والدولية فإن الأوضاع الداخلية في الجنوب تعد عامل مؤثر قوي على تلك التطورات مهما ظل الفتور سائدا منذ زمن طويل في مجمل العلاقات بين شعب الجنوب وقواه السياسية والمجتمعية وبين الدول حكومات وشعوب المنطقة والعالم. وشهادة فإن للإعلام الحر الجنوبي بحق وحقيق الفضل الأكبر في إبراز ذلك التأثر والتأثير ولعبت وسائله الحديثة في عصر الفضائيات والإنترنت, عصر الثورة المعلوماتية دورا هاما وفاعلا في إيصال الرسائل المتعددة الأغراض والمتشعبة الجوانب إلى الشعوب والحكومات على حد سواء, كاسرة حاجز الصمت الكاتم للأنفاس والخوف القاتل للنفوس. تزامن ذلك مع انطلاقة الحراك السلمي الجنوبي في 7 يوليو 2007م الذي رافقه انطلاقة بث قناة فضائية جنوبية عدن لايف من لندن أول ما انطلقت عبر القمر انتلسات ومن ثم القمر نايل سات, لتنقل للعالم أجمع وبدون تعليق صورا حية عن شكل جديد وحديث من النضال لشعب الجنوب العظيم أبهر به العرب والعجم عرف بالنضال السلمي عبر حشود جبارة لتحقيق أهدافه في التحرير والاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية مما أرعب الأنظمة وفي مقدمتها النظام الاحتلالي اليمني, وأذهل الشعوب لتحذو حذو شعب الجنوب الأول من بلغ هذا المستوى من التطور والرقي في التعامل مع أصناف الظلم والفساد ينتزع حقوقه السياسية بكل جرأة وشجاعة. لم تتوقف قناة عدن لايف لحظة واحدة وهي تؤدي دورها. ظلت تعمل بصمت مما أزعج نظام صنعاء ممثلا بعفاش الذي طلب من القمة العربية 2008م 2009م إغلاق القناة الجنوبية محذرا من خطر انتشار المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات والعصيانات والإضرابات إلى بلدانهم, فحققوا له طلبه وأغلقت القناة بحجة عدم توفر الإمكانيات بينما يعتقد الجنوبيون أن القناة ومموليها تعرضوا للضغوط وربما للتهديد بالإضرار بمصالحهم. وحاليا يشاهد الجنوبيون قناتهم الجنوبية المحسوبة على المجلس الانتقالي الحاضرة الغائبة, لحد اليوم وهي في الطور التجريبي لا أخبار ولا برامج لا تقدم شيء يستفيد منه الشعب الجنوبي. يعتقدون أنها هي الأخرى واقعة تحت المحظور والممنوع ومزيد من الضغوط. ولولا الصحف الجنوبية والمواقع الإلكترونية التابعة لها وفي صدارتها صحيفة عدن الغد الموقرة والشبكة الواسعة من مراسليها والنشطاء ينقلون كل صغيرة وكبيرة محليا إلى جانب أهم الأنباء العربية والإقليمية والعالمية لما تحصل الشعب هنا على آخر الأخبار ولما تمكن من متابعة ما يحلو له من الأحداث والمقالات. ويبقى السؤال المطروح: لماذا لا تحاول أكثر من جهة في الجنوب تشغيل قنوات جنوبية وبدرجة أساسية القطاع الخاص نظرا لامتلاكه الإمكانيات؟! عمليا تأثرت البلدان العربية بالأوضاع في الجنوب, واجتاحت المسيرات والاحتجاجات العديد منها بدءا من مطلع العام 2011م من تونس ثم مصر فالسودان حسموا أمرهم, وحتى يومنا هذا لازالت جارية في سوريا وليبيا واليمن والجزائر والعراق ولبنان. في سورياواليمن وليبيا لم يصمد الخيار السلمي فتحولت الاحتجاجات إلى صراع مسلح وحروب أهلية دامية بسبب التخلف والطائفية والإسلام السياسي ممثلا بتنظيم جماعة الإخوان المسلمين وفروعه الإرهابية القاعدة وداعش. هذا التأثر والتأثير كشف طبيعة وشكل العلاقات المفقودة بين الشعوب العربية, والعلاقات التي تفتقر للتضامن والتعايش بين أنظمتها, ففي حال الشقاق تلجأ أنظمة إلى إسقاط أنظمة أقطار أخرى بأي ثمن مثل لجوء قطر لتركيا وإيران ضد السعودية والإمارات بل ولبلقنة العراقوسوريا وليبيا و لبننة اليمن, وتلجأ الشعوب لإسقاط أنظمة حكمها الفاسدة تحت الشعار الذي انطلق من الجنوب: الشعب يريد إسقاط النظام. أما النزاعات العربية العربية كما هو الحاصل بين الجنوب والشمال في اليمن يهدد أمن واستقرار المنطقة التي يقع فيها أهم الممرات البحرية في العالم, لتتمخض من النظام العالمي تأثيرات مختلفة في طبيعتها وشكلها منها معطيات لا يمكن مقاومتها أو رفضها, ومنها ما يمكن التفاوض بشأنه والوصول إلى حل وسط, ومنها ما يمكن رفضه, والعلاقة به – النظام العالمي – لا يمكن تبسيطها واختزالها في شعار سياسي واحد. والأهم من رفع الشعار هو ترجمتها إلى استراتيجيات وسياسات وبرامج عمل. وهذه هي القضية كيف ندير علاقاتنا الجنوبية مع العرب ودول الإقليم والعالم بما يحقق أهدافنا؟ وكيف نحقق أكبر قدر من المكاسب؟ وكيف نعظم الفرص ونقلل القيود؟ مما يدفع بلدان عربية كبرى إلى التحالف فيما بينها وتشكيل التحالف العربي للتأثير في اتجاه إنهاء الصراع اليمن وإرسال قوات فصل وفض النزاع بين القوات الشمالية والقوات الجنوبية قوات حفظ السلام, والضغط على القوات الغازية وإرغامها على الانسحاب من شبوة وحضرموت الداخل والمهرة تطبيقا لبنود اتفاق الرياض.