احزن والله عندما أسأل شاب جنوبي ماهي أمنيتك؟ ويرد عليا بكل فخر، امنيتي رقم عسكري وعندما أسأله لماذا رقم عسكري؟ يقول لاني تركت الدراسة ويعقب على كلامه، الدراسة ما تاكلش عيش. للعلم هذه الأمنية (الرقم العسكري) لم يحتكرها الشباب فقط ولكن وجدت أن بعض المغتربين العائدين إلى أرض الجنوب يسعون هم كذلك إلى الحصول على رقم عسكري. وكان قيام الدولة يعتمد على العسكري فقط العسكرة مرحلة من مراحل قيام الدولة وتبدأ بها ولاتنتهي وإنما تتوقف عند انتهاء مرحلتها وتعمل بعد ذلك بطريقة أخرى وهي الحفاظ على منجزها العظيم وتأمينه وتترك لباقي فئات المجتمع العمل على المراحل الأخرى ومن هنا يبدأ قيام الدولة. لنرجع إلى الوراء (كثيراً) وبالذات الى سبتمبر عام 1945 وهو أنتهاء الحرب العالمية الثانية وهزيمة ألمانيا النازية على يد التحالف وبعدها أقامت دول التحالف محاكم عسكرية ضد النازيين استهدفت فيها صناع القرار والعلماء والمفكرين والفنيين النازيين وبعدها بعامين استثنت منهم العلماء والمفكرين وابقت على العسكريين ومن هم في سلطة القرار وحاكمتهم وأصدرت فيهم ما بين حكم إعدام والى السجن المؤبد. ولكن لماذا استثنت دول التحالف العلماء والمفكرين والفنيين النازيين من المحاكمات واصدرت فيهم أحكام مخففة وأطلقت سراحهم بعد فترة قصيرة جداً لم تتجاوز السنة مع أنه من ضمن العلماء أشخاص ساهموا في بناء معسكرات غرف الغاز السامة الذي راح ضحيتها الملايين من أسرى التحالف. السبب أن دول التحالف لاتريد أن تعيد غلطتها السابقة في نهاية الحرب العالمية الأولى والتي تركت ألمانيا فريسه للفقر والجوع بسبب معاهدة (فرساي) والتي قضت على العلماء والمفكرين والفنيين وتركت الشعب فريسة للعسكر وفكرة الأخذ بالثار ولهذا كان لابد من دول التحالف أن لا تعيد خطئها السابق لانها تعلم ان عهد العسكر لا يبني الدول وإنما الدول التي يخطلط فيها المثقف والعالم والعسكري هي من تبني المجتمع وتطوره ولكل فرد منهم خاصية عمل. نعود إلى زماننا والذي للأسف الشديد قل فيه المفكرين والعلماء والفنيين واتجه شبابه الى التسجيل في المعسكرات. اتجاه الشباب إلى المعسكرات سببه أن الدولة لم تتبنى معاهد تأهيلية فنية يتخرج منها الشاب وهو يمتلك مهنه شريفة بيده يستطيع من خلالها أن يبني مستقبله ويبني بلده ومن هنا يجب على المجلس الإنتقالي بحكم انه يعتبر الممثل الوحيد لشعب الجنوب أن يتبنى هذه الفكرة ويقوم بدوره في إعادة فتح المعاهد الفنية التدريبية وان يعمل دورات تأهيلية لكل قطاع الخدمات من كهرباء ومياه وزراعة وصحة وتمريض وبلديات وغيرها من الخدمات وانا اثق جيداً بأن شباب الجنوب سوف يتفاعل مع هذه المعاهد وسنرى الشباب يتدافعون على أبواب التسجيل والعائد سيكون للدولة وللمواطن. دولة الجنوب مازالت بكر وهي محتاجة لكل عقل مهني متدرب في كل المجالات.