في السنوات القليلة الماضية ظهرت داعش بصورة مفاجأة لتعلن قيام الخلافة الإسلامية التي انتهت بعزل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني على يد الثائر القومي التركي مصطفى كمال أتاتورك. داعش ظهرت في وقت عصيب تمر به العديد من الدول العربية مثل العراق وسوريا واليمن والصومال وليبيا. لم تكن داعش هي الوجه الوحشي الوحيد عن الإسلام ولكنها الابشع لحد الان. ارتكبت داعش جرائم بشعة هي الأشد دموية ووحشية ضد الإنسانية في التاريخ الحديث. قدمت داعش نفسها على انها منظمة اسلامية تمثل الوجه الحقيقي للإسلام وتقتفي أثر النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وزعمت داعش انها تطبق احكام الشريعة الاسلامية في كل تصرفاتها. الغريب والعجيب ان كل تلك الجرائم التي ارتكبتها داعش باسم الإسلام لم تحرك ضمير المسلمين وكأنهم موتى لا يسمعون ولا يبصرون، حيث لم تخرج مظاهرة واحدة تندد بجرائم داعش ضد الابرياء والاطفال والنساء وغيرها من الانتهاكات المروعة ضد الانسانية. لقد رأينا المظاهرات تجوب العواصم الاسلامية في كل البلدان للتنديد بالرسوم المسيئة للنبي محمد في الصحف الغربية، رغم أن تلك الرسوم ليست اكثر اساءة وقبحا من جرائم داعش التي ارتكبت باسم الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام. ليس هذا فحسب بل على العكس من ذلك فقد وجدت داعش حاضنة اجتماعية في العديد من بلدان العالم الإسلامي ولقيت تعاطفا من قبل معظم الجماعات الإسلامية المتشددة والمعتدلة. هذا النوع من تغاضي المسلمين وتجاهلهم لكل ما اقترفته داعش من جرائم يثير سؤالا مهما هو هل المسلمين دواعش؟ هل الاساءة الى الاسلام ونبيه ذات معايير مزدوجة في نظر المسلمين؟ لماذا ينتفض المسلمين ضد اي اساءة الى الاسلام من غير المسلمين بينما لا يحركون ساكنا إذا جاءت من المسلمين أنفسهم؟ هذه الاسئلة مهمة للغاية فهي تضع المسلمين أمام امتحان صعب جدا خاصة فيما يتعلق بإدانة الإرهاب الذي يمارس باسم الإسلام، فالارهابي الذي يقتل الابرياء هو بالطبع اشد اجراما من الرسام الذي ينشر صور مسيئة للاسلام او نبي الاسلام. ليس المطلوب من المسلمين أن يسكتوا عن الاساءة التي تصدر ضد نبيهم ودينهم من الغير، لكن المطلوب هو ادانة الارهاب الذي تمارسه القاعدة وداعش وغيرها من المنظمات الاسلامية بنفس القدر والطريقة بل يجب ان تكون الادانة اشد واوسع نظرا للفارق الكبير بين الجرمين. لو أن المسلمين ادانوا الارهاب بشكل جمعي لما تواجد الإرهاب من أساسه، لو ان المسلمين رفضوا التطرف والارهاب لما استطاعت القاعدة وداعش أن تجد لها موطئ قدم في بلاد المسلمين. ان مكافحة الارهاب والتطرف ليست مهمة امريكية ولا يجب أن تكون كذلك، بل يجب على المسلمين أن يرفضوا الارهاب من اساسه لانه يمثل خطرا كبيرا عليهم.