اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    الضربة القاضية في الديربي.. نهاية حلم ليفربول والبريميرليغ    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    اليمن: حرب أم حوار؟ " البيض" يضع خيارًا ثالثًا على الطاولة!    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    وفاة نجل محافظ لحج: حشود غفيرة تشيع جثمان شائع التركي    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    شبوة تتوحد: حلف أبناء القبائل يشرع برامج 2024    إصابة مدني بانفجار لغم حوثي في ميدي غربي حجة    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    البرق بتريم يحجز بطاقة العبور للمربع بعد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    شكلوا لجنة دولية لجمع التبرعات    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    24 أبريل.. نصر تاريخي جنوبي متجدد بالمآثر والبطولات    الرياض.. أمين عام الإصلاح يستقبل العزاء في وفاة الشيخ الزنداني    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    وزارة الداخلية تعلن الإطاحة بعشرات المتهمين بقضايا جنائية خلال يوم واحد    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    رئيس الاتحادين اليمني والعربي للألعاب المائية يحضر بطولة كأس مصر للسباحة في الإسكندرية    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرحلة الانتقالية في اليمن (5)
نشر في عدن الغد يوم 24 - 12 - 2019

اتبع "أنصار الله" سياسة القضم التدريجي، ثم الانتقال إلى مناطق جديدة يسيطرون عليها، وفي نهاية شهر مارس (آذار) 2014 اندلع قتال عنيف بين مسلحي الحوثيين والقبائل التي ساندتهم مع قوات الجيش على مدخل مدينة "عمران"، لكنه سرعان ما هدأ بوساطات قبلية أشبه بالهدنة ومعارك الاستنزاف، وبقي العارفون بالتفاصيل القبلية يحذرون من اقتراب معركة حاسمة للسيطرة على "عمران"، لكن الرئيس هادي لم يتحرك لوأد الفتنة التي كانت تشي بمستقبل دموي على امتداد البلاد، وأخطأ التقدير متوهماً أن الحوثيين لن يتجاوزوها، وكان هو شخصياً غير راغب في الدخول في معركة من أجل اليمن، طالما أنه قدَّر أنها لن تصل بآثارها إليه أولاً.
في وسط مناخ الترقب الذي ساد مرحلة ما قبل اندلاع نيران المعركة النهائية للسيطرة على عمران، تقاطعت مصلحة الرئيسين هادي وصالح، إذ كانا يسعيان في نفس اللحظة من دون اتفاق إلى تحقيق هدف واحد، هو التخلص من آخر معاقل الجيش الموالية لعلي محسن الأحمر شمالي صنعاء، وإنهاك بقايا حزب الإصلاح هناك، وسيبقى السؤال الغامض ومفتاح ما حدث بعد عمران هو هل تعمد الرئيس هادي، مثلما يقول خصومه، عدم التدخل لإنقاذ العميد القشيبي واللواء العسكري الذي يقوده أم أنه كان بالفعل عاجزاً؟، وكما ذكرت في الحلقة السابقة فإنه في الحالتين يتحمل المسؤوليتين الأخلاقية والوطنية، كما سيبقى السؤال عن دور الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وما ذكره خصومه بأنه طلب من مشايخ القبائل في المنطقة أن يقفوا هم أيضاً على حياد.
إن الإجابة الموثقة عن هذين السؤالين تحتاج إلى تحقيق مع كل من كان في قيادة الجيش في تلك المرحلة، وليس الغرض من ذلك هو إيقاع العقاب على المقصرين، ولكن لجلاء الحقيقة عن موقف كان الموجه لكل ما حدث في البلاد بعدها، وسيظل علامة فارقة في تاريخ البلاد يجب كشف أسرارها، ولقد التقيت عدداً من كبار القيادات العسكرية السابقين الذين كانوا في قلب الأحداث وطرحتُ عليهم السؤالين، وبطبيعة الحال كانت إجاباتهم تصب في سياق الدفاع عن أحد الرئيسين بحسب قربهم من هذا أو ذاك.
المدافعون عن الرئيس هادي يقولون إنه ظل بعد مرور أكثر من عامين على تولي الرئاسة، غير قادر على التحكم في القوات المسلحة، رغم أن وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد، كان من أقرب العسكريين الموالين له، ويقولون إن قيادات الجيش العليا والوسطى ظلت موالية للرئيس السابق وتتبع توجيهاته، وأن صالح بقي قادراً على التأثير في مشايخ المناطق الشمالية، وقد يكون هذا صحيحاً إلا أنه يبرهن مجدداً على أن الرئيس هادي كان بالفعل عاجزاً عن أداء مهامه، وعوضاً عن بذل الجهد للسيطرة على مفاصل الجيش قام بتشتيت الوحدات على طول البلاد وعرضها تحت مسمى (إعادة الهيكلة)، وكان يحاول في كل تحركاته محاكاة ما كان يصنعه الرئيس صالح مع فارق أن الأخير كان قادراً على الإمساك والتحكم بكل خيوط الحكم وتحريكها في الاتجاهات التي تساعده على الاستمرار فيه.
ومع اقتراب ميليشيات الحوثيين من العاصمة كان مؤيدو الرئيس صالح يطلقون تصريحات بأنه طلب من بعضهم تحذير خلفه الرئيس هادي بعدم السماح للحوثيين بتجاوزها، ويزعمون أنهم نقلوا الرسالة إليه وأن هادي كان غير مقتنع بالتحذيرات وأشعرهم بالاطمئنان تجاه تحركات الميليشيات في اتجاه العاصمة والمدى الذي يمكن أن يصلوا إليه.
بعد سقوط عمران كتبت مقالاً في صحيفة "الشرق الأوسط" بتاريخ 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2014 بعنوان "أنصار الله بين حديث الخيانة والسياق الطبيعي"، وقلت فيه "إن طبيعة الأوضاع السياسية التي مرت بها البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية، كبلت الرئيس هادي، وهو أيضاً لم يستفد من الفرصة التاريخية التي لم تمنحها الأقدار لحاكم قبله فتباطأ في اتخاذ القرارات التي كان لها أن تثبت حكمه، وأهمها على الإطلاق حسم مسألة ولاء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وهو وإن كان قد تمكن من تغيير القيادات فيها، إلا أنه أخفق في الوصول إلى عمقها، كما أن هادي وقع رهينة في يد الذين رأوا الحكم مغنماً يريدون الانفراد بأكبر حصة فيه، وكان قلقه من الرئيس السابق وتوجسه من تحركاته معيناً لهم، كما أن إصراره على المضي قدماً في إدارة البلاد بنفس الأساليب العتيقة وعزلته عن محيطه أبعداه عن المشهد الحقيقي وتمكن من خلالهما المنافقون أن يزينوا كل سوء ويدافعوا عن كل خطأ".
كان تقدم أنصار الله من خلال هذه الثقوب يسير في سياقه الطبيعي، فلا جيش بعقيدة وولاء وطنيين، ولا إدارة للمؤسسات العامة بنزاهة وحيدة، ولا قوى سياسية قادرة على الارتفاع فوق جشعها، ولا رؤية واحدة للوطن، وكم كان لافتاً أن الرئيس هادي خرج من صنعاء فجر يوم 23 يوليو (تموز) 2014 (26 رمضان) لزيارة محافظة عمران بعد مقتل العميد القشيبي واستيلاء الحوثيين على المعسكر والمدينة، وفوجئ اليمنيون بخطابه الذي أثار جدلاً حول حقيقة أهداف الزيارة، إذ أطلق جملته الشهيرة "عادت عمران إلى حضن الدولة"، وكان تصريحاً متناقضاً مع الواقع الذي صارت عليه المدينة بعد أن سيطر عليها مسلحو أنصار الله، وليس سراً أن الزيارة تمت بموافقة قيادتهم وبتنسيق كامل بينهم وبين الرئاسة، فانسحبوا من النقاط التي كانوا قد أنشأوها على مداخل المدينة وسمحوا له بدخولها والبقاء فيها لالتقاط الصور ثم مغادرتها.
زيارة الرئيس هادي لعمران فسرها أنصاره بأنها جاءت لطمأنة السفراء الغربيين الذين أبدوا مخاوفهم من سيطرة ميليشيات على مدينة غير بعيدة عن العاصمة، ورغم وجاهة التبرير فإنه يسقط مجدداً أمام مسؤولية الدولة تجاه مواطنيها، بعد أن تخلت عن لواء كامل من جيشها وصمتت عن مقتل قائده، وتجاهلت هذا الأمر كما لو كان حدثاً عابراً.
وكان الضغط لتغيير العميد القشيبي والشيخ دماج وسيلة استخدمها الحوثيون لإظهار أن تحركاتهم لا تحمل إلا مطالبات سياسية واجتماعية، وكان الرئيس متمسكاً بشعار "الجيش يقف على الحياد" منطلقاً، معتبراً ما يدور في شمالي العاصمة معارك قبلية بين مؤيدي الإصلاح وخصومهم وأن الدولة ليست معنية بها، باعتقاد أنها ستضعف فقط خصومه ولن تؤثر على استقرار حكمه واستمراره.
ولم تجدِ النداءات بضرورة مواجهة مسلحي أنصار الله قبل دخول عمران، واستمر (حياد الجيش) وكذا المواجهات بصورة متقطعة مخلفة مئات القتلى من الجانبين، وكان سقوط المدينة تعبيراً فاضحاً عن العجز والتخلي عن آخر معقل للجيش النظامي شمالي صنعاء، وكان يفصح بجلاء عن انهيار قادم لآخر مؤسسات الدولة القادرة على وقف التصدي للميليشيات الشابة القادمة من شمالي البلاد متوجهة نحو العاصمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.