أوصدت أبواب المدارس، وجف حبر الأقلام، ودفنت أحلام الطلاب؛ والسبب في ذلك هو التهميش لمطالب المعلمين، وجعلهم يلجئون إلى عمل غير محبذٍ للجميع وهو الإضراب. بحقٍ لا نرتضي جميعاً الإضراب الحاصل في مدارسنا، حتى المعلم نفسه لا يسره ما يفعله، ولكن من مبدأ "الضرورات تبيح المحظورات" سلكوا هذا الطريق. سنة ونصف منذ أن أقام المعلمون اضرابهم الأول، وفتحوا إضرابهم بوعود، ولكن كانت الوعود لهم عرقوبية، بل وكنت أنا حينها من المنتقدين لهم ولإضرابهم، لأني كنت متأملاً أنه سوف يتم إنصافهم، ولكن لم ينصف المعلم منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا، بل زادوه مهانة وإذلالاً، جعلوا من المعلم شخصاً لا يفطن، ولا يفقه ما يقوم به من واجبه ورسالته، أصبح هذا المعلم همه الشاغل قبل النوم كيف يوفر لأهل بيته كسرة خبز ورشفة ماء، ليصل صباح اليوم التالي إلى مدرسته محبط العزيمة مكسور الإرادة. جعلوا من معلمنا شخصاً متسولاً أمام طلابه الذين أصبحوا في ظل بلدٍ فوضوي يتقاضون فيه أجراً أعلى من أجر مربيهم وقدوتهم. إننا نتحدث بمنطقية لا نغطيها بالكذب على أنفسنا، فالجميع من الحال. فبعد أن ضاق بمعلمينا الحال، ولجئوا لإضرابهم، يخرج لهم ذلك المسؤول الوطني النزيه العارف بحالهم، والذي يتقاضى من الأموال ما جعله يدرج أبنائه في مدارس خاصة، ويركب السيارة الفارهة، ويأكل الأطعمة الفاخرة، يخرج ليقول: (أن الدولة في وضع صعب، ويجب علينا أن نراعي ما تمر به). لماذا لا تراعي الدولة أنت، وتنزل لوضعها الصعب الذي تدعيه وتعيش الحال والضيق الذي يعيشه المعلمين. أقول للمسؤولين أن الرقص على جراح المعلمين باطل، فمدارسنا بحاجة إليهم، فهم العمود والأساس. فاتقوا الله في أبنائنا الطلاب، وفي معلميهم، واشعروا أنفسكم بالمسؤولية، وجدوا الحلول بعيداً عن التملق. وسلامتكم