تدهور التعليم مع سبق الإصرار حدث وفق مخطط جهنمي نفذه نظام صنعاء بواسطة عناصر جنوبية في المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح اليمني ومازال يجري عن دون قصد تنفيذ ذلك المخطط حتى يومنا هذا بعد تحرير عاصمة الجنوب عدن ومناطق شاسعة منه. وكما هو معروف فإن الهدم دائما يكون أسهل بكثير من البناء فإن عملية هدم وتحطيم التربية والتعليم في عدن والجنوب لم تكن بتلك السهولة التي توقعها ذلك النظام الكهنوتي الذي توعد بتحويل صرح الثقافة والعلم والفن – عدن - إلى قرية, فكانت الضريبة التي دفعها هي زواله إلى الأبد ليس في الجنوب وحسب وإنما في الشمال أيضا. وبالقضاء على نظام الاحتلال والذي يتم وضع اللمسات الأخيرة لنهايته اليوم تزامنا مع نهاية الفترة المحددة الممنوحة لطرف الحكومة الشرعية ولو إبداء الرغبة في تنفيذ بنود اتفاق الرياض إلا أنها لم تفعل ولم تستجب, فإن الطرف الثاني الذي هو المجلس الانتقالي الجنوبي يستعد لتدشين تنفيذ البنود من طرفه فقط بحيث يزيح المعرقلين من مؤسسات الدولة والمرافق الحكومية المختلفة بهدف تحسين أوضاعها وتصحيح مساراتها وتنقيتها من الفساد والإرهاب وأسباب الجهل والفقر والمرض والعجز لاسيما في التربية والتعليم والكهرباء والمياه والاتصالات والمالية والنفط والتجارة والزراعة والصناعة والصحة والسكان بالإضافة إلى تولي زمام الوزارات السيادية أولا تمهيدا لتولي كل الوزارات. مع انقضاء يومنا هذا يدخل الجنوب منعطفا تاريخيا على يد الحامل لتطلعات الشعب المجلس الانتقالي الجنوبي ينقله إلى مرحلة جديدة من النهوض والتنمية والبناء والتقدم ,ومن أجل الإسراع في تحقيق ذلك مطلوب من كافة المكونات والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والحقوق والحريات الاصطفاف خلفه والالتفاف حوله لكشف ومكافحة بؤر الفساد والإرهاب والخراب وأسباب المعاناة بواسطة برامج عمل تسهل تذليل الصعوبات التي تعيق عملية التصحيح ترفع درجة المثابرة على تحسين الأداء تشدد الرقابة التي يجب أن تضيق الخناق على المسئولين الذين ظلوا في مناصبهم يتلذذون بتضييق الأحوال المعيشية للناس يعرقلون توفير الخدمات لهم وصرف الحقوق والمستحقات لأصحابها, صار البعض منهم يتقافزون على قارب المجلس الانتقالي الجنوبي فماذا سيقدمون غدا؟! وبأي وجه سيقابلون الناس؟! وكيف؟! وهم سبب التدهور والدمار الحاصل في كل مفاصل الحياة ومجالاتها, وحدهم لديهم أكثر من وجه قادرون على تغيير جلودهم حسب الطلب إلا إذا خجلوا من أنفسهم بدءا من يوم غد ويلزموا البيوت لا يفارقونها أبدا. ولأن جميع خيوط المعاناة متواصلة على التوالي وأسبابها متشابكة على التوازي, ففيما يتعلق بالتربية والتعليم سمعنا قبل اليوم بعض أولياء الأمور ينتقدون معلمين لم يلبوا الإضراب ويسألونهم دون مراعاة لمصالح أبنائهم في التعليم: لماذا لا تضربون مع بقية المدارس؟.. لاشك أن الدافع لتوجيه مثل هذا السؤال أحد سببين. أولهما أن أولئك الآباء لم يعد في مقدورهم توفير مستلزمات الدراسة والزي المدرسي لأبنائهم بفعل الغلاء الناجم عن ارتفاع سعر الدولار الأمريكي والريال السعودي أمام الريال اليمني خلال اخمس السنوات الماضية سنوات الحرب. وثانيهما وراؤه هدف تخريبي موجه لنسف التعليم الذي لم يعد يحمل أي أهمية بالنسبة للطالب قبل المجتمع والذي فقد الرغبة في الدراسة لغياب الترغيب والتشجيع وانعدام العوامل والأساليب البيئة الجاذبة, فأصبح التعليم بلا مدخلات ولا مخرجات عديم الجدوى والمنفعة تعود زيادة المصالح الذاتية للمسئولين نزيد مطامعهم في البقاء على مناصبهم وفي الاستيلاء على حقوق المعلمين المتراكمة منذ حكومة باجمال. قبل اليوم كان إضراب المعلمين سلاح ذو حدين بقدر ما يضر بالطالب فإنه يضر بالمعلمين أيضا في ظل غياب الدولة وربما الحكومة ذاتها غائبة يتطلع البعض فيها إلى لهف رواتب المعلمين لعدة أشهر قادمة والاستحواذ على كل المدفوعات من قبل المانحين للمعلمين ليتحول الإضراب إلى مطالبة من أجل الحصول على الرواتب كما يحدث في الشمال وليس من أجل المطالب الستة. وفي المقابل, فإن إعلان الإضراب لم يكن مدروسا لأنه لم يراعي الفوارق الانضباطية في أداء رسالة التدريس وهو يساوي بين المواظب الملتزم وبين المتسيب, وذلك طبعا يعود إلى عجز النقابة في متابعة الانضباط بالدوام الرسمي والحضور اليومي حيث أن هناك عدد لا يستهان به محسوبين معلمين وهم لا يداومون. مفرغون يمارسون أعمال خاصة بهم تدر لهم أرباح طائلة تتغاضى عنهم النقابة وعن الإدارات المتساهلة معهم وبالتالي فإنهم سيتحصلون على حقوق مثلهم مثل المعلمين الذين يحرون في الصفوف وخاصة أن النقابة لم تضع شروط ولا معايير لتطبيق المطالب والحقوق. ومن بعد اليوم, وبدءا من يوم غد السادس من فبراير 2020م والذي فيه يبدأ المجلس الانتقالي الجنوبي في إدارة الجنوب لابد لنقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين أن توزع منشور تعلن فيه عن نهاية الإضراب لأن المجلس هو من سيقوم بحل الأزمات وتوفير الحقوق والمستحقات لأصحابها في كل المرافق والمؤسسات وليس المعلمين والتربويين وحدهم بدعم مالي سعودي إماراتي.