مايلفت نظري ويشد انتباهي إليه إيها القارئ الكريم هو عندما أرى الخطيب يحبر الكلام تحبيرا ويتشدق فيه ويشجعه تشجيعا، ويتكلف كثيرا في تحسين العبارة وتنميق الكلام تكلفا زائدا مبالغ فيه فيسحرك بكلامه المنمّق ويأخذك في عالم آخر من فنون البلاغة سجعا وجناس وطباق مع زئير وزمجرة ليغتصب عقل المتلقي . ولكن ماتلبث أن يزول عنك أثر السحر كأن لم يحدث شيء معك حين تذهب الكلمات هباء منثورا لا تحدث بها ثورة ولا تغير بها أنماط الحياة مع كل ماسمعته آنفا منه . فيما ترى خطيبا آخر يتكلم ببساطة وسهولة ويتلقف السامع لكلامه بكل شغف وليس في ألفاظه تعقيد ولا غموض ولا تصنع ولا وعيد ولا ولا ولا ، تكون المفاهيم والمصطلحات دارجة يفهمها القاصي والداني والمتعلم والأمي و يعرفها الكثير منا وزيادة على ما ذكر تلاحظ أن كلامه يقع في صميم القلب ويأخذ موقعا حسنا وتتأثر به أفئدة المتلقي والسامع له بل ويتجاوب معه وتحدث ثورة بداخله، ويندم على ما فرط في جنب الله وربما تغيرت حياته من حال إلى حال وربما تجعلك لا تعود إلى المعاصي. وربما تعزم على القيام بأمور عظام بعد أن كنت مقصرا في أدائها. الفرق بين الأول والثاني أن الأول يركز على الألفاظ والمباني، والكلمات تخرج من فمه لا من قلبه ،حين يتكلم وليس في قلبه مثقال ذرة من من أحوال الأمة ولا يتألم للأوضاع ، حيث أن فكرته أنه نمّق العبارة وأوصلها إلى سمع السامع بأحسن لفظ وفيه يستذكرني بيت لأبو نواس الذي قال فيه : فقل لمن يدعي في العلم فلسفة حفظت شيء وغابت عنك اشياء أما الثاني فينبع كلامه من القلب، يتكلم وفي قلبه ألم وحرقة، يتكلم و يتوجع لأوضاع وحال الناس التي أصبحت تعاني من نكبات وويلات ورزايا ، يتكلم وهو قد سهر ليلته في البكاء والذكر والإنابة والتضرع والدعاء والاعتراف بالتقصير مع الله وطلب الغفران منه ، ما أحوج مجتمعنا اليوم إلى مثل النوع الثاني من الخطباء كخطباء زماااان .. وان الزمان بمثلهم لبخيل .
كتب /عبدالقادر شرفان
مايلفت نظري ويشد انتباهي إليه إيها القارئ الكريم هو عندما أرى الخطيب يحبر الكلام تحبيرا ويتشدق فيه ويشجعه تشجيعا، ويتكلف كثيرا في تحسين العبارة وتنميق الكلام تكلفا زائدا مبالغ فيه فيسحرك بكلامه المنمّق ويأخذك في عالم آخر من فنون البلاغة سجعا وجناس وطباق مع زئير وزمجرة ليغتصب عقل المتلقي . ولكن ماتلبث أن يزول عنك أثر السحر كأن لم يحدث شيء معك حين تذهب الكلمات هباء منثورا لا تحدث بها ثورة ولا تغير بها أنماط الحياة مع كل ماسمعته آنفا منه .
فيما ترى خطيبا آخر يتكلم ببساطة وسهولة ويتلقف السامع لكلامه بكل شغف وليس في ألفاظه تعقيد ولا غموض ولا تصنع ولا وعيد ولا ولا ولا ، تكون المفاهيم والمصطلحات دارجة يفهمها القاصي والداني والمتعلم والأمي و يعرفها الكثير منا وزيادة على ما ذكر تلاحظ أن كلامه يقع في صميم القلب ويأخذ موقعا حسنا وتتأثر به أفئدة المتلقي والسامع له بل ويتجاوب معه وتحدث ثورة بداخله، ويندم على ما فرط في جنب الله وربما تغيرت حياته من حال إلى حال وربما تجعلك لا تعود إلى المعاصي. وربما تعزم على القيام بأمور عظام بعد أن كنت مقصرا في أدائها.
الفرق بين الأول والثاني أن الأول يركز على الألفاظ والمباني، والكلمات تخرج من فمه لا من قلبه ،حين يتكلم وليس في قلبه مثقال ذرة من من أحوال الأمة ولا يتألم للأوضاع ، حيث أن فكرته أنه نمّق العبارة وأوصلها إلى سمع السامع بأحسن لفظ وفيه يستذكرني بيت لأبو نواس الذي قال فيه :
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة حفظت شيء وغابت عنك اشياء
أما الثاني فينبع كلامه من القلب، يتكلم وفي قلبه ألم وحرقة، يتكلم و يتوجع لأوضاع وحال الناس التي أصبحت تعاني من نكبات وويلات ورزايا ، يتكلم وهو قد سهر ليلته في البكاء والذكر والإنابة والتضرع والدعاء والاعتراف بالتقصير مع الله وطلب الغفران منه ،
ما أحوج مجتمعنا اليوم إلى مثل النوع الثاني من الخطباء كخطباء زماااان ..