في تقديري من المحتمل المؤكد إن تصبح المملكة السعودية الوجهة القادمة والبؤرة الحاضنة لوباء كورونا القاتل، وأكثر معقل للوباء بين مختلف بلدان منطقة الشرق الأوسط. لا يختلف اثنان حول الحقيقة القائلة إن المواطن السعودي أكثر مواطن في المنطقة العربية، يجول ويصول طائفا بلدان العالم المختلفة في رحلات سياحية وترفيهية ومنها بلدان منبع الوباء، بعد إن اختفت مباهج الحياة وغابت أشكال اللهو التي ينشدها المواطن السعودي على أرضه دون جدوى، رغم سياسات الانفتاح الأخيرة والتوجهات الإصلاحية التي أقرتها السلطات السعودية مؤخرا. كما لا يختلف اثنان حول تدني مستوى الوعي بمستوياته وانخفاضه لدى المواطن السعودي، والذي أفرزته عوامل عديدة، أبرزها السياسات التعليمية الخاطئة، والقمع الفكري الصارم، والتوجه العام لدى السلطات هناك نحو تكريس التعصب العرقي والفئوي والفكري لدى مختلف شرائح المجتمع، بدلا من التأكيد على غرس المفاهيم الحضارية البناءة، وتحديث التعليم وفقا لتطوراته المتلاحقة، وهو ما انعكس بجلاء في أنماط التأخر الذي تشهده دولة المملكة السعودية على أكثر من قطاع. على الرغم من الإمكانيات الهائلة التي تمتلكها المملكة السعودية، باعتبارها المتصدر الأول لقائمة الدول المصدرة للنفط عالميا، إلا إن جميع الإجراءات الاحترازية التي اُتخذت وتتخذ في هذا البلد تفاديا لانتشار وباء كورونا لن تكون مفيدة وناجعة وفقا لتقديرنا، للأسباب ذاتها وغيرها. المتأمل لأوضاع المنطقة العربية التي طحنتها الصراعات والحروب المختلفة، لا يرى غير أنظمة فاشلة وقيادات مهترئة وعاجزة عن إيقاف عجلة الاقتتال الدائر، أو حقن شلالات الدماء المتزايدة، حيث لم يبق للإنسان العربي أي أمل على المستوى المنظور في توقفها أو الإبطاء من وتيرتها. لا تقف المملكة السعودية في مواجهتها مع كورونا، بعيدا عن مسرح الأحداث العسكرية الجارية، بل أنها أي المملكة ترتبط بشكل وثيق بجميع تلك الصراعات تقريبا، بعد إن لعبت أدوارا مهمة فيها إعدادا وتنفيذا وإخراجا، وهو ما يرشحها مستقبلا لأن تكون البلد العربي الأول الذي من المفترض إن يدفع فاتورة صراعات أُديرت بعيدا عن أية مقادير من الحكمة والحصافة. وفي ذات الحديث عن كورونا نعتقد جازمين بتحرك الوباء في مسار يوازي مسار النزاعات المسلحة التي تعج بها المنطقة، حيث نرى إن بلد المملكة السعودية سيصبح الأكثر تضررا من بين تلك البلدان للأسباب السالفة. والله على ما نقول شهيد.