الواقع يبطل تشدق الانظمة والمؤسسات العربية الحاكمة والمليشيات المتسلطة التي فرضت نفسها وأصبحت موازية في الحكم وإدارة التعسف السياسي والتي لم تنشأ إلا لجعل الأوطان العربية تابعة وخاضعة للأنظمة الممولة لتلك الجماعات والتي أصبحت عائقاً أمام التطور الاقتصادي وجعلت من الوطن العربي تكنة عسكرية كبيرة تستنزف كل الاقتصاد في سبيل المحافظة على الطابع العسكري السياسي على حساب الحاجات المجتمعية المتعددة للمواطن العربي. إنَّ تلك الانظمة ذات المجالس المتعددة وصاحبة الشعارات الصاخبة والرنانة في الوطنية والتي لا تعمل إلا بنظام واحد شعاره أنا على الصواب وغيري على الخطاء لا تقبل النقد ولا تقبل ان تنظر في أعمالها لترى القصور والفجوات بل ربما تتحول لجانب عدائي وتحارب من يوجه لها النقد. لهذا فمثل تلك الجهات تسير مغمضة العينين على يقين أنها تسير في طريق الصواب ولا تنظر إلى تلك الاصوات التي تحاول تعديل مسارها لأنها قد اغمضت عينيها وصمت أذانها وغشت على قلوبها العجرفة والغطرسة الفردية دون أن تخضع أهدافها للتعديل والتصحيح لهذا فهي كثيرة الوقوع في الاخطاء والقصور. إنَّ مثل تلك الجهات أعمالها وأهدافها تتمحور من اتجاهات منها إما إغفالها حقيقة الأهداف التي وضعتها أو تبعيتها لجهات تملي عليها الافتراضات وتحدد لها الأهداف وتبقى هي أسيرة لتحقيق الأهداف. إنَّ الانظمة العربية وكل مؤسساتها وكذا المليشيات التي أصبحت جزء من الواقع العربي بعد أن تهيئت لها كل أسباب الوجود والشراكة في الحكم . فكل الانظمة العربية هي عدوة كل الاصوات المعارضة فلا تسمح لأحد بأن يتنقد حتى لو كان النقد على سبيل الاصلاح والتغيير وتعديل الخطاء نحو الصواب. ولهذا نشهد في هذه الايام حملات وزارة التربية الموجهة نحو المعلمين المطالبين بالحقوق وتمارس ضدهم صنوف من الضغوطات والممارسات التعسفية محاولة الانتقاص من حقوقهم وفرض القيود حتى يتنازل المعلم عن حقه أو يرضى بما قل من الحقوق التي ستلقى إليه . وهكذا تشن تلك الانظمة الكثير من مظاهر العدوان على كل من يخالفها ولا ترضى به إلا أن يقف في صف العداء. وليس بغريب على أنظمة وصلت إلى دفة الحكم عن طريق العنف والجبروت والقمع أن تفتح اسماعها للصوت الأخر وتقبل بمطالب المخالف وتقف معه في مواجهات منطقية وتحتكم للعقل والنظام والتشريعات والاعراف على مائدة مستديرة تجمع الخصوم قبل الشركاء لتسوية النزاعات وحل الخلافات.