تفاعل الجنوبيين في مواقع التواصل الاجتماعي الذي طغى إلى السطح هذه الأيام ما هو إلا تعبير عن رأي جنوبي حر ضاق به الحال جراء تقاعس الدور السعودي الراعي لاتفاق الرياض عن وضع حد للتجاوزات من طرف الحكومة الشرعية تسعى من خلالها نزع ما تبقى للمجلس الانتقالي الجنوبي من نفوذ في العاصمة عدن خاصة وفي الجنوب عامة, و إقصاؤه من العملية السياسية بواسطة الاستيلاء للتفرد بالحكم في الجنوب. ضاربة اتفاق الرياض وبنوده الناصة على تشكيل حكومة مناصفة بين الطرفين تحكم المناطق المحررة الجنوب كله ومأرب فقط في الشمال, لأن الجوف سلمها جيش الحكومة للحوثيين دون قتال جاعلا من مأرب ورقة ضغط على السعودية والتحالف يهدد بتسليمها للحوثيين إن لم تتجاوب اللجان المشتركة في مساعدة طرف الحكومة الشرعية لينفرد بالحكم في الجنوب عبر الموالين لها وليس عبر من يختارهم المجلس الانتقالي الجنوبي, مع إشغال المجلس الانتقالي في مسألة إرسال القوات الجنوبية إلى جبهات الشمال لمواجهة الحوثيين وتحرير صنعاء وجلب قوات شمالية من جبهات الشمال تحل محل القوات الجنوبية في عدن والجنوب عامة. هذه هي الحقيقة وإن كانت مرة, فإن السعودية وإن تغض طرفها عن كل ذلك فإنه ليس ناجم عن عدم دراية ولا عن ضعف, وإنما أسلوب من أساليب دبلوماسيتها تروض بها الحكومة الشرعية اليمنية. وهيهات أن تنجح في تمريرها على البلاهيت فيها الذين قسموا حكومتهم حكومة جماعة الإخوان المسلمين إلى أربعة فرق. الفريق الأول يقوده جناح الحمائم برئاسة الرئيس هادي, وفريق عسكري يقوده جناح الصقور برئاسة الجنرال العجوز علي محسن الأحمر, والفريق الثالث جناح المعادين يلقى دعما قطريا وتركيا يقوده حميد الأحمر, والفريق الرابع جناح العناصر المترددة جنوبي خالص يقوده الميسري والجبواني يحمل خواص الفرق الثلاثة السابقة ويتردد بينها.
لا يخفى على التحالف العربي وقيادته أن لكل فريق دبلوماسيته الخاصة به تجد السعودية نفسها في وضع يصعب عليها تحديد دبلوماسية واحدة تتعامل بها مع دبلوماسيات الأجنحة الأربعة, ولا بوسع إمكانياتها وضع أربع دبلوماسيات تتعامل بها مع حكومة واحدة حكومة البلاهة الشرعية اليمنية. أربع أجنحة لحكومة واحدة وأربع فرق تعمل كفريق واحد وحتى في شن الحملات الإعلامية على السعودية والتحالف العربي الذي تقوده كما تملي لها دبلوماسيتها. ومع ذلك لم نر أية ردة فعل رسمية أو حتى على المستوى الإعلامي تصدر عن التحالف أو عن المملكة العربية السعودية. لا شجب ولا تنديد واستنكار ولو بتغريدة من أية جهة مسئولة حكومية دبلوماسية أو سياسية أو عسكرية أو إعلامية رغم أن الحملات والزوابع التي يشنونها قوية جارحة تهب كالعاصفة من منابر الجزيرة القطرية وليس عبر مواقع التواصل الاجتماعي. زوابع تستدعي اتخاذ إجراءات عملية حازمة وليس ردا كلاميا الذي لم نسمع به قط. زوابع ليست بخصوص اليمن والجنوب فحسب, بل أبعد من ذلك في كل ما يتعلق بالحياة اليومية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية في السعودية والإمارات ومصر والبحرين بشكل يومي وعلى مدى سنوات مضت وهي دول ضمن التحالف العربي.
ولهذا فإن ما يدور في مواقع التواصل الاجتماعي جنوبا إنما هو تفاعل طبيعي ولا يرقى لمستوى المهاترات والحملات الإعلامية حتى وإن حاول بعض قادة المكونات الجنوبية تصويرها بالعواصف الرعدية الغير مطيرة لاستغلالها من يصطادون في المياه العكرة لتتحول مرحلتنا الراهنة أكثر تعقيد عن ذي قبل, والعكس صحيح فلا تتطلب من ذوي القربى إلا التكاتف والتعاضد لتهيئة الظروف لعودة الدولة الجنوبية والوقوف مع المجلس الانتقالي ومباركة القوات الجنوبية. ومن يرى غير ذلك فإنه يقلل من شأن ذاته ويحتقر درجة علمه ومستوى عمله ونضاله.