النفط مقابل "البقاء".. المعادلة التي حافظت على بقاء "الحكم الأطول في التاريخ الحديث للمنطقة العربية " والتي ومن خلالها تمكن حكامها المتعاقبون من التغلب على بلاد "الأشراف" بفضل القوة الاستعمارية الداعمة لأقامه دولتهم الأولى في ذلك الحين وصولا إلى قيام دولتهم الثانية في تاريخهم المعاصر.. اليوم لم يعد النفط يفي بألتزامات "الدولة العجوز" تجاه الغرب وإن أغرقت أسواقه بنفطها وبالسعر الذي يريده حلفائها المتذمرون تجاهها. الأتجاهات السياسية الغربية وعلى رأسها أتجاهات الحليفة الرئيسية "أمريكا" باتت ترى أنها غير قادره على حماية حليفتها "العجوز" ومواصلة الدفاع عليها من الأخطار التي تتهددها، منطقة الشرق الأوسط لم تعد بيئة آمنة للأمريكان بعيد أنسحابهم من العراق وتقليصهم المستمر لحجم قواتهم في الخليج. ليس هذا فحسب ما يشير إلى قرب نهاية "التعهدات الأمريكية الملتزمة بحماية أمن الدولة الكبرى في المنطقة".. المملكة المتحدة كذلك تشاطر الولاياتالمتحدة على ذات الصعيد المتصل التنسيق الكامل في إدارة عملية الفكاك الأمريكي المرتقب وإن كانوا أكثر استعدادا منها لها ومحمل عدائهم يعود لشعورهم بالخديعة عقب دورهم الاستراتيجي في إقامة المملكة الأقدم في منطقة "الشرق الأدنى" وقتها والذي أعقبه تخليها عنهم وعن الغرب الأوروبي وجنوحها للغرب الأمريكي. واشنطن ولندن العاصمتان الغربيتان الأقدر تحكما بدوائر الحكم هناك.. تجربتي الحرب في أفغانستانوالعراق بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أفرزت توجها غربيا معاديا لسلطة الأنظمة الملكية في الأقليم، سياسة الإنهاك الغربية المتبعة في العقد الأخير تشير إلى ما هو أبعد والأبعد حتما لن يكون إلا الانهيار. حالة الضعف التي تعصف بأركان النظام السياسي للدولة التي تمتلك أكبر مخزون احتياط للنفط من بين كل الدول المصدرة للنفط في العالم لا توحي بأن الأمور تسير على ما يرام. الصراع السياسي الخفي من الداخل والتراجع الأقتصادي والأخفاقات الناتجة عن التدخلات العسكرية والأمنية المتعثرة في أكثر من ملف تعكس الصورة السيئة والتي وفي المقابل أفرزت حالة من السخط والأستياء العام المناوى لسياساتها خليجيا وإقليميا ودوليا. الواقع المضطرب الذي تعيشه الدولة العجوز داخليا وخارجيا لا يشير إلى حصول إنفراجه تخفف من وطأة الخسائر التي تتلقاها منذ وصول "الدماء الواثبة الجديدة" إلى سدة حكم العرش العجوز. سياسة "الإرتهان المطلق" للحليفة واشنطن ومحاولة إحراز ما يشبه الانتصارات الجزئية ولو على حساب اقتصادها المنهك وسلطتها المرتبكة لم تعد تجد القبول لدى حلفائها قبل أعدائها. لأجل كل ذلك سيصل مرشح الحزب الجمهوري "ترمب" في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة إلى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض رئيسا لولاية ثانيه ولأجل ما هو أبعد من ذلك ستترنح الدولة العجوز إلى ان تذوي وهذا ما يريده المحافظون الجدد وما يريده حبرهم العتيد هنري كيسنجر!