يذهب العديد من المراقبين للوضع في اليمن إلى أن تحالف دعم الشرعية يخطط لإنهاء الحرب من قبله لتبدأ حرب العصابات ، ليتمكن من الهروب من استحقاقات إعادة الإعمار . لم تثمر حرب استعادة الشرعية خلال الخمس السنوات الماضية سوى انهيار اقتصادي وفقر شديد ودمار كبير في البشر والحجر ، وتدمير البنية التحتية . يذهب المحللون إلى أنالتحالف يخطط إلى إنهاء الحرب دون عودة الدولة لليمنيين إعتقادا منه أن ذلك سيؤدي إلى خلق عصابات واسعة النطاق تخوض حربا أهلية لوقت طويل ، مما يسقط عنه إستحقاق إعادة الإعمار . بعد سقوط نهم والجوف بدون قتال أستطيع القول إن تحالف دعم الشرعية كان جزءا من هذا السقوط ، لأنه لو لم يكن راضيا عن ذلك لما تقبل هذه الهزيمة التي تخصم من هيبته وسمعته وإمكاناته . وهذا يؤكد أن تحالف دعم الشرعية يريد نقل الحرب إلى مرحلة أخرى وإلى تكتيك جديد بدون قراءة النتائج الاستراتيجية التي ستحدث تغيرا ليس في اليمن فحسب ، بل في المنطقة كلها . وبالمثل مر الأمر داخل الشرعية وكأنه لاشيء ، حتى وإن حاولت الشرعية تلقي باللوم على التحالف الداعم لها ، إلا أنها لم تتخذ أي إجراء لمحاسبة المسؤلين عن ذلك ، أو إعادة تصحيح الاختلالات التي تضربها في العمق والمتمثلة في غياب الجيش الوطني . وبدلا من ذلك ذهبت للبحث عن حلول عبثية تثير السخرية ، فبدلا من أخذ زمام المبادرة للهجوم على عصابات الحوثي إذا بها تستنجد بالقبائل للدفاع عن مارب . وقد رأيت من واجبي أن أقترب من آذان الشرعية لأنقل لهم ما يجول في نفوس الناس الذين ناصروا الشرعية ووجدوا كل شيء ينهار أمام أعينهم ليقتل ما تبقى لهم من أمل باسترجاع الدولة المخطوفة . وأنا لا أقصد إذلال الشرعية ، فهي في أشد حالات الإذلال ، رغم معرفتي أن الوصول إلى عقول القائمين على الشرعية صعب جدا لأن في آذانهم وقرا ، أو قولوا إن شئتم إن قلوبهم مغلقة بالإسمنت المسلح ، ومع هذا سأمسك معول النقد محاولا ثقب هذا الأسمنت ، وسأسألهم ومن ورائهم المتعاطفين معهم في أهم مفصل من مفاصل الحرب ، وهو مفصل الهزيمة في نهم والجوف . لابد من تفجير الأسئلة ليس عن أسباب الهزيمة ، بل عن كيفية الاستفادة من دروسها . هل يدرك القائمون على الشرعية أن الخاسر الأكبر من هذه المعركة هي مؤسسة الشرعية وكل من تعاطف معها . لم تكن هذه الهزيمة من ضعف ، فالشرعية تملك في كشوفاتها ما يزيد عن خمسمائة ألف جندي . وتحالف دعم الشرعية يمتلك طيران وبوارج حربية وأسلحة هجومية ودفاعية قادرة على هزيمة عصابة الحوثي بكل سهولة . أقول بكل وضوح إن الشرعية مازالت شرعية أفراد ولم تنتقل بعد لتصبح شرعية مؤسسات . وأقول أيضا إن تحالف دعم الشرعية يدير الحرب وفق استراتيجية خاطئة تقدم مصالحه بعيدا عن مصلحة اليمن . والدليل على ذلك جبهة البيضاء جبهة مستقلة لوحدها . وجبهة تعز مستقلة . وجبهة الساحل مستقلة . وجبهة صعدة جبهة مستقلة عن بقية الجبهات . والحوثي يحدد الجبهة التي يريد خوض الحرب فيها وإغلاق الجبهات الأخرى . هذا الأمر ليس بمحض الصدفة ولو كان كذلك لتنبهت الشرعية والتحالف الداعم لها ، لكن الأمر يسير على هذا المنوال منذ خمس سنوات . من الواضح أنه لا توجد قوة على الأرض تريد التصدي لعصابة الحوثي عمليا إلا ميكرفونات الإعلام ودبابات التويتر وقاذفات الفيس بوك وأسلحة الثرثرة في قناتي العربية واسكاي نيوز . من الجهل بمكان أن يصدق المواطن العادي أن هناك جدية من التحالف ومن الشرعية لاستعادة الدولة في اليمن . فإلى متى سيظل اليمنيون ينتظرون للوهم أو للملائكة تنزل من السماء ؟ صنعاء لن تسقط من الميكرفونات ولا من خارج الحدود ،بل تسقط صنعاء من داخل صنعاء . هناك من يمثل الشرعية ، لكنه لا يوجد من يقودها . لا تزال الشرعية تفتقد إلى قيادة سياسية فعالة ، تتخذ قرارات واضحة بشأن تأسيس الدولة . والدولة لا تؤسس في المنافي ، بل تؤسس في الداخل . فشلت الشرعية في تجديد نفسها وأضاعت فرصة تطوير ودمج القيادات المناوئة الانقلابين . ظلت الشرعية تركض خلف الأحداث ، بينما كان الانقلابيون يخلقون حقائق على الأرض . تحتاج الشرعية إلى خطوة عاجلة في تشكيل حكومة تتحمل مسؤليتها من داخل اليمن وليس من الخارج . خلاصة القول إن تحالف دعم الشرعية يتحمل مسؤلية كل الإخفاقات التي صاحبت تكوين الشرعية . فهو الذي أشرف على بنائها بالكيفية التي عليها ، ثم عاد ليشيطن جزءا منها ويخوض مع هذا الجزء حربا ثانوية على حساب الحرب التي شرعت لاستعادة الدولة . إذا كان التحالف جاد ، فعليه أن يتبنى ورشة عمل لتقييم الإخفاقات وتجاوز الخلافات البينية بين الشرعية والشرعية . وبين الشرعية والتحالف . وبين التحالف والتحالف . أي حسابات خارج مصلحة اليمن سيدفع الجميع ثمنها عاجلا أم آجلا . وعليه أن يوحد كل الجبهات لتتحدث بصوت واحد وفي توقيت واحد ، فالوقت من دم .