ونحن نستقبل ليلة عظيمه من ليالي ربنا سبحانه وتعالى ... هذه الليلة هي ليلة النصف من شهر شعبان التي ورد في الاثر فضلها وعظمتها فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : (إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه الا لمشرك أو مشاحن ) رواه إبن ماجه . إنها ليلة عظيمة . تتجلى عظمتها في هذا العطاء الرباني , وفي هذا الفيض الالهي , وفي هذا التجلي الرحماني لخلق الله . انها منحة من ارحم الراحمين يمن بها على عباده المؤمنين كي يستغلوا فضلها ويتضرعوا لله سبحانه بالدعاء والذكر والاعمال الصالحة وطلب مغفرة الذنوب ومحو الخطايا والتجاوز عن التقصير . انها فرصة للاقبال على الرحمن الرحيم ... نتوجه إليه بصدق وندعوه بإخلاص ونتوسل إليه بانكسار كي يرفع عنا وعن جميع خلقه هذه البلاء الذي عم ارجاء الكون ونشر الرعب في ارجاء المعمورة . كما انها فرصه لطلب العفو والصفح والغفران ممن نستشعر أننا قد أسأنا في حقهم ,أو أخطأنا في جنابهم , أو ظلمناهم باي نوع من أنواع الظلم . وعلينا أن نوطن أنفسنا أيضا على إلسماح والعفو عن كل من أخطأ في حقنا ... فكما أننا نحن محتاجون إلى مغفرة الله ...كذلك الذي أساء في حقنا محتاج هو أيضا إلى مغفرتنا وسماحنا والتجاوز عنه ...حتى نصبح أهلا لان يسامحنا ربنا ويرضى عنا ... إذ كيف نطلب السماح والمغفرة من الله وقلوبنا يملؤها الحقد والبغضاء .. كيف يستقيم أن نطلب شيئا ونحن نمنعه مع قدرتنا على إعطائه.. فالله في هذه الليلة يغفر لكل طالب المغفرة إلا المشرك أو المشاحن ( المخاصم غيره ) انها مناسبة عظيمه لفتح صفحة جديدة مع رب العالمين نبدأها بالتوبة والقلاع عن كل مايغض الله سبحانه وتعالى .. ونسطرها بطاهرة قلوبنا وصفا نفوسنا وصلاح أحوالنا .. فكم نحن بحاجة اليوم اكثر من أي وقت مضى إلى أن نراجع علاقتنا مع بعضنا البعض وأن نبنيها على الحب والود والصفا والنقاء ...وأن نغادر مربع الاحقاد والضغائن والحسد ...تلك الآفات القاتلة التي دمرت النسيج الاجتماعي , وخربت بنيان المجتمع , وورثت تركة ثقيلة من النزاعات التي أهلكت الحرث والنسل . إنها ليلة النصف من شهر شعبان ... نرفع فيها أكف الدعاء والضراعة والابتهال لعل الله أن ينظر إلينا بعين رحمته وأن يغيرحالنا إلى أحسن حال , وأن يرفع عنا البلاء والوباء والفتن وأن يصلحنا وأن يردنا إليه ردا جميلا وأن يأخذ بأيدينا الى كل خير .