العين ترى مناظر كثيرة والذاكرة تخبى مشاهد مثير، ومن ضمن مارأت عيني وحفظته هذا الأسبوع ، صورة تهز المشاعر الانسانية ويندأ لها الجبين ، أطفالاً في عمر الورود على هيئة ملائكة يتجولون على ارصفة وضفاف الشوارع ، يمدون اياديهم للمارة للغادين منهم والعائدين، باحثين عن شيء عساه أن يسدون به فاقتهم و يسدون به جوعهم وعوزهم ،وعن لقمة عيش لهم ولأسرهم ، فهناك من يمد لهم يد العون بريالات قليلة والبعض الآخر يعرض عنهم ويحجب ، إن تلك الهبات الصغيرة في نظر هؤلاء التي غلب عليهم الشقاء والاسى لها أثرا كبيرا وبالغ في نفوسهم قد نستصغرة ولكنه بالنسبة إليهم يوازي جبل أحد . إن الواقع المعيشي المرير و المتردي والمزري جعلهم يعيشون حياة ليست التي حلموا بها ذات يوم ، والأحلام ليست هي الأحلام التي حلموا بها بل كوابيس لاتبقي ولاتذر . إن الحالة المادية والمعيشية التي نمر ويمر بها هؤلاء أجبرتهم غصبا عنهم إن يبحثوا عن لقمة عيش لهم ولأهلهم لسد رمقهم ، فأطروا للنزول الى الشوارع لعلهم وعسى من منقذا لهم . إن كانت المنظمات الدولية الخاصة منها والعامة تحرم وتجرم عمل الأطفال صغار السن ( الأحداث ) بأي عمل كان ،فما بالك بالمتسولين منهم !! بكل تأكيد أنهم عرضة للتحرش الجنسي ،فالشارع لايربي بل وبكل هوادة يخلخل ويلوث براءتهم ويغتصب ويبيح ويعبث بتكوينهم الفيسلوجي والسيكلوجي ، ويخرجهم إلى المجتمع وحوشا كاسرة . ماأثارني ودفعني إن أكتب هذا الموضوع قصتي مع حالة من هؤلاء الزهور الماشية على الأرض ،حينما كنت واقفا بدراجتي النارية منتظرا لأحد اصدقائي لكي نغادر السوق ،فئذا بطفلة وأخيها يتسولان قادمان إلي ودونما سابق أنذار أخذاء يدي ويوسعانها قبلا وهما يتمتمان بكلام لم أفهمه ولكنني عرفت بأنهما يريدان مساعدة مني فسحبت يدي سريعاً، هزني الموقف جلياً وجعلني افقد حسي واذهب بعالم الخيال فقدت السيطرة على نفسي كلياً انتظرت لحظات كي استوعب ما حصل معي !! فأنتابتني بعض التساؤلات اهما كان : ماالذي دفع هؤلاء الصغار واقحمهم للتسول وهم فراشات لاتقوى على العمل المظني هذا !! فحاولت استدراجهما بالدردشة معهما ، بعد إن أخرجت لهما ماكان بجيبي ، وسألتهما من أنتما ومن أين قدمتما ومن يعولكما وأين تسكنا ولم ينطقاء ببنت شفة ، فغرضهم محدود والتساؤل مردود . غمزة أنتهزها فرصة إن أذكر أصحاب الجود والكرم بأن لايبخلوا وخاصة ونحن مقبلون على شهرا كريم فيه الحسنات تتضاعف الى سبعمائة ضعف وأكثر بأن لايبخلوا على الأسر المحتاجة ، فهناك أسر يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف لايسألون الناس ألحافا، فمن تقطعت بهم السبل وضاقت عليهم الأرض بما رحبت قد خرجوا يتسولوا هم وأطفالهم كحالة الطفل وأخته ، ولكن هناك أسر متعففة تفضل الموت ولا مد اليد لأحد، فلا تتأخروا في العطايا والهبات لها . وأخيرا نسأل الله بمنه وكرمه إن تزول كل الأزمات والرزايا ،وإن يمن على اليمن باليمن والبركات ،وإن يغير حالهم إلى أحسن حال .