عرفت اليمن في تاريخها الثوري الحديث , أنواع مختلفة من الانقلابات السياسية الموجهة والتي يمكن وصفها بالحميدة لحفاظها على الأهداف العامة للثورة اليمنية وسعت إلى تحقيقها كل على قدره وسعته من العلم والطاقات. وكانت محمودة الجانب في أوساط الجماهير على الرغم من نزقها الثوري في الشمال والجنوب ., وان ظلت تكافح وتنافح من اجل خدمة مصلحة أبناء اليمني والحفاظ على هويتهم الوطنية الجامعة وفي ظل تشطير النظام السياسي وشقة التباعد الإيديولوجي الشاسع بينهم .وكانت كافة القوى الثورية شديدة التمسك بعقيدتها الوطنية وقوية الغيرة عليها., وحفظت صنعاءالمدينة المفتوحة و وعدن المدينة المذبوحة جميل هذه العقيدة الوطنية التي تشكل تاريخ الثورة اليمنية الموحدة بتجليات أفاقها الواسعة . ولن يخامرنا الظن بان يأتي اليوم الذي نترحم فيه على هذه الانقلابات النبيلة التي كنا نمقتها ونكيل عليها التهم من كل حدب وصوب وفي حالة تشمل حتى من يكنون العداء المطلق لها . واليوم تعيش اليمن حالة غريبة واستثنائية في تاريخها وحياتها وكأنما تخلت وفي طرفة عين عن أصالة صفاتها الاجتماعية القديمة والمعاصرة , وتنكرت لثورتها وانقلبت رأسا على عقب عليها , وتناست أهدافها الوطنية العظيمة , وبطريقة توحي بقطع الارتباط مع نظامها الجمهوري الذي تحقق بالتضحيات , وغضت الطرف عن استباحت سيادتها الوطنية ودهس كرامتها الإنسانية و تقبلها وبمحض إرادتها المضي إلى الضياع والمصير المجهول . هذه الحقائق تكرسها طبيعة ونوعية وادوار انقلابي صنعاء وعدن وتدخلات التحالف العربي , و المغايرة شكلا ومضمونا لتاريخ الانقلابات الثورية في اليمن ونوعية التدخلات الداعمة والمساندة لها. ومما يؤسف له أن تنقلب رياح العاصفة مع الانقلابين و في اتجاه تدمير اليمن عقب تراجعها المكشوف عن إنقاذه ودفعه إلى بر الأمان وذهابها بعيدا عن أهدافها المعلنة . وهذه لعمري سابقة و فريدة في تاريخ الحروب وان كانت من مقرراتها الخفية , وعليكم تقدير حجم الخذلان المترتب عليها وبطعم الخيانة التي ستضرب عمق الأجيال اليمنية والعربية وتفقدها الثقة الهشة بنفسها وتاريخها , وتعميق هذا الشعور يتنامي في البقية الباقية من أحرار اليمن الذين بحت أصواتهم للتنبيه بخطورة الانقلابين على حاضر ومستقبل اليمن , مع ازدياد الريبة في بعض من دول التحالف العربي وتوجيه أصابع الاتهام لها بصورة مباشرة وغير مباشرة في هذا الجرم والإثم العظيم
