اليوم عدن في ذكرى تحريرها من الحوثي تتراكم عليها المصائب، فإن سلم المواطن فيها من مصيبة تخطفته أختها، فمن أمراض، وأوبئة، كالمكرفس، والضنك، والملاريا، والكورونا، والفقر، والحاجة، والنكد، والذل، والبهذلة، وانقطاع الرواتب، والكهرباء، والماء، والحرب، والفوضى، والثارات، والقتل، والرعب، والخوف، والحصار، كل هذه المصائب لم يواجهها المواطن في تاريخ حياته في عدن. جلس ابني يناقش مع أستاذه وزملائه عبر الواتس آب قصيدة لشاعر العربية المتنبي، وطلب منهم الأستاذ استخراج بيتين يدلان على الوضع الحالي في عدن، فكان البيتان التاليان هما ما انطبق على حال عدن، وهما: رماني الدهر بالأرزاء حتى فؤادي في غشاء من نبال فصرت إذا أصابتني سهام تكسرت النصال على النصال، فعند قراءتي لهذين البيتين تعجبت من انطباقهما على حال عدن اليوم، فمن كثرة المصائب التي حلت بها لم يعد هناك مكان لمصيبة جديدة في عدن، فإذا وقعت مصيبة جديدة فلن تجد لها مكاناً إلا فوق مصيبة سابقة لها، وستتكسر على سابقتها كما تكسرت النصال على فؤاد الشاعر. في عدن اليوم من أخرج رأسه تخطفته مصيبة، فكل المصائب مجتمعة فيها، فإن سلمك الله من المكرفس، ففي الملاريا حتفك، وإن نجوت منهما فالضنك في انتظارك، وإن تملصت منه فكورونا قادم إليك، وإن لزمت بيتك خوفاً من العدوى، أخرجتك الكهرباء، وإن عالجت مشكلة الكهرباء، مت عطشاً جراء انقطاع المياه، وإن حاولت أن تنجو بنفسك من مصائب عدن هذه الأيام فنار الحرب تحيط بها من كل مكان، فإن فكرت تتجول في عدن حاصرتك نقاط الحظر، وإن تجولت في الحي لم تستطع مقاومة البعوض، حتى الأمطار التي يفرح بقدومها الناس في العالم كله، أصبحت كابوساً بالنسبة لأبناء عدن، فمازالت بقاياها آسنة في شوارع، وأزقة عدن. عدن اليوم فيها كل المصائب، والسلبيات، وفيها استوطن القهر، والذل، والفوضى، والفقر، فأبواب المساجد يتزاحم عليها المتسولون، وتراهم في الجولات، وعلى أبواب المطاعم، والمولات، وعم عدن انتشار كثيف للأفارقة الذين بسطوا على مساحات ملعب 22 مايو بالشيخ عثمان، وتراهم يجوبون عدن، وترى ساحة العروض تكتظ بهم، وبالمهمشين، وهذا بدوره سيؤدي إلى مزيد من الأمراض، فعدن لا تحتاج لدعم منظمات، ولا جمعيات، ولا هلال أحمر، ولا أسود، عدن بحاجة إلى دولة، فهل ستأتي الدولة؟ عدن اليوم تعيش يومها الأسود، وعامها هذا هو عام الحزن بالنسبة لها، فعامها الأسود هذا فيه الجثث تترى، وتتابع، فتكاد مقابر عدن تضحك من تزاحم الأموات، وقل المشيعون، وخاف الابن من تشييع أبيه، ومُنعت الأم من تقبيل ابنها قبلة الوداع الأخير، هذا حال عدن فماذا عساني سأصف لكم بعد هذا الوصف؟!