توقف المواطن وامتناعه عن مواصلة تسديد فواتير الكهرباء وكذا المياه بحد ذاته يعد رفضا من جانبه لضغوط الفاسدين الساعين إلى تركيعه, رفض لأساليب الحرمان والعذابات أرادوا بها انتزاع استسلامه وإذلاله من ناحية, ولإثارته على ممثله السياسي المجلس الانتقالي الجنوبي من ناحية ثانية, فجاء الرفض كشكل من أشكال الاحتجاجات السلمية ينفذه من داخل بيته لا يختلف عن الأشكال الأخرى المسيرات والمظاهرات والاعتصامات والعصيانات والإضرابات التي تحدث في الشوارع والساحات ومرافق العمل ضد حكومة الفساد الفاشلة. الشواهد والتقارير تشير إلى أن حرب الخدمات على العاصمة عدن وعلى الجنوب عامة ظلت قائمة منذ حرب 1994م حين قصفوا بئر ناصر وقطعوا المياه عن أهالي عدن حتى استسلموا. ومن حينها صارت تكتيكا حربيا وتهديدا ماثلا كان بيد عفاش ونظامه ومن تلاه, وسل من هو خبير, ولو لم يكن كذلك لما استخدمته الحكومة الشرعية الحالية لا يهمها سوى تحقيق مصالحها الذاتية بالقمع دون مراعاة للجانب الإنساني واحترام حقوق الإنسان. ضغائن مزمنة منتنة واجهها المواطن بصبره دفع بعضه إلى استلاب حقوقه في الكهرباء بعد ما تضرر كثيرا من شدة المعاناة ليحقق اليسير من لمصلحته الفردية ولو تجاوز مصالح الآخرين العامة بسحب الكهرباء مباشرة بواسطة الربط العشوائي بالكابلات التي غالبيتها هالكة. وبهذا العمل فإنه رغم حاجته يكون فعليا مشاركا في فساد الكهرباء ولو بدون قصد, كما أشار الشيخ هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي منبها المواطن المضطر وهو محق في ذلك ليساهم في حملة مكافحة فساد الكهرباء التي طالما انتظرها المواطن على أحر من جمر كخطوة تصحيحية ينفذها المجلس الانتقالي الجنوبي. وبذلك فإن المواطن يجد نفسه مستعدا كامل الاستعداد للمشاركة في مكافحة الفساد ليس في الكهرباء وحسب, لكن في جميع مجالات الخدمات. من تلقاء نفسه يزيل الربط العشوائي ويبدأ مواصلة تسديد فواتير الكهرباء وما عليه من ديون بالتقسيط الميسر والمريح حتى من قبل أن تصل إليه حملة القطع المكونة من المجلس الانتقالي والسلطات المحلية في كل مديرية. لأن المسألة هذه المرة جادة تصحيح في ظل إدارة ذاتية يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي.