قراءة في مفارقة المجلس الجنوبي والحركة الحوثية في الشمال    اليمنية تفرض شروط جديدة على المسافرين بنظام الترانزيت إلى جيبوتي    أزمات خانقة تضرب المحافظات المحتلة: الغاز والوقود والرغيف تتزامن وسط انهيار الخدمات    الخارجية تُدين إساءة مرشح أمريكي للقرآن الكريم    الصحفي والإعلامي والاكاديمي علي سالم بن يحيى    الصحفي والقيادي الإعلامي الكبير محبوب علي    حضرموت تطوي صفحة العليمي... سفيرة بريطانيا تتجاهل وحدة اليمن وسلامة أراضيه(توثيق)    إنشاء أكبر بحيرة مائية في أمانة العاصمة    حين يهاجر حزب الإصلاح إلى لندن... ويترك اليمن للضياع والخطب    السعودية توقف تصاريح ميناء عدن والامارات تسيطر على نشطون    لن يغزى الجنوب مرة أخرى بفتوى    الماجستير بامتياز للباحث عبدالله صبرة من الاكاديمية اليمنية العليا بصنعاء    تشمل سوريا وفلسطين.. ترامب يوسع قيوده على دخول الأجانب    مصرع 14 مصريا بحادث غرق قارب هجرة قبالة اليونان    تتويج عثمان ديمبلي بجائزة الأفضل لعام 2025    التوتر يعود إلى الواجهة في حضرموت.. الحلف يتهم والعسكرية الثانية تنفي    المقالح: الحديث عن أخطاء الماضي يشغل الناس عن قضاياهم الملحة    تشكيلات تابعة للمجلس الانتقالي تداهم منزلًا في سيئون وتختطف أربعة أشخاص    مصدر في ميناء عدن يكشف حقيقة توقف الحركة الملاحية في الميناء    بهدف تعزيز الاكتفاء الذاتي: عطيفي ومقبولي وعطيفة يذللان صعوبات مصانع الحديدة    عمال ميناء عدن يحتجون للمطالبة بأراضيهم التعويضية    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ أحمد عبدالله ناصر دغيش    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على السواحل تمتد نحو المرتفعات    هامبتون تتوج بجائزة فيفا لافضل حارسة مرمى في العالم 2025    اوفالي تتوج بجائزة فيفا مارتا 2025 لأجمل هدف في كرة القدم النسائية    دوناروما الأفضل في العالم: جائزة تاريخية لحارس إيطاليا في 2025    مدير أمن العاصمة عدن يكرّم المدير العام لمؤسسة مطابع الكتاب المدرسي تقديرًا لجهوده في طباعة السجلات الأمنية    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بجامعة عدن ويؤكد دعمه لتطوير العملية التعليمية    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمم بإيقاف التعامل مع شركة صرافة    أمن العاصمة عدن يضبط مجموعة مسلحة أغلقت مدرسة الكويت في منطقة إنماء.    عالميا.. انخفاض أسعار الذهب    الخميس.. نهائي كأس العرب بين الأردن والمغرب    بورنموث يُجبر مانشستر يونايتد على تعادل درامي    صباح المسيح الدجال:    مشروع رحلة وعي: الإطار العربي المتكامل لسيكولوجية السفر    خبير طقس: انخفاض متوقع في درجات الحرارة خلال الساعات القادمة واحتمال حدوث صقيع    دراسة: الأطفال النباتيون أقصر قامة وأنحف من أقرانهم متناولي اللحوم    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    أعمال إنشائية تمهيدية لترميم سور أثري في مدينة تعز القديمة    الرئيس الزُبيدي يبحث سُبل تطوير البنية التحتية لقطاع النقل    وزارة الإعلام تكرم إعلاميات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المسلمة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات الناجمة عن الأمطار في المغرب الى 21 شخصا    ترامب 2.0 يعيد طرح تقسيم اليمن والاعتراف بالحوثي كمدخل لإعادة هندسة خليج عدن والبحر الأحمر    الأستاذة أشجان حزام ل 26 سبتمبر: 66 لوحة فنية متميزة ضمها متحف الزبير بسلطنة عمان    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    شبوة.. حريق داخل مطار عتق الدولي    مرض الفشل الكلوي (32)    هيئة الآثار والمتاحف تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    الصحفي والمراسل التلفزيوني المتألق أحمد الشلفي …    أسياد النصر: الأبطال الذين سبقوا الانتصار وتواروا في الظل    ست فواكه تقلل خطر الإصابة بأمراض الكلى    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    صنعاء.. هيئة الآثار والمتاحف تصدر قائمة بأكثر من 20 قطعة أثرية منهوبة    حضرموت أم الثورة الجنوبية.. بايعشوت وبن داؤود والنشيد الجنوبي الحالي    منتخب الجزائر حامل اللقب يودع كأس العرب أمام الإمارات    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يمثل اليمنيين ؟
نشر في عدن الغد يوم 13 - 07 - 2020

أطراف الحكم الثلاثة بالبلاد تزعم أنها تعمل لصالح المواطن بينما تؤكد مواقفها على التضحية به وسط النزاعات
تبقى مسألة تمثيل المواطنين قضية معقدة لا يمكن التوصل إلى توافق على محدداتها، ويزداد الأمر تشابكاً في حالات الحروب الأهلية.
في اليمن اليوم ثلاث قوى رئيسة تتنازع هذه المشروعية، فهناك حكومة يعترف بها المجتمع الدولي، ويتعامل معها كممثل قانوني للدولة. ثمّ هناك جماعة الحوثي التي استولت على السلطة في العاصمة، ويتعامل معها المجتمع الدولي كجماعة مارقة، لكنها تمثل أمراً واقعاً لا يمكن تجاوزه ولا تغييبه. وأخيراً هناك المجلس الانتقالي الجنوبي الذي اعترفت به الحكومة المعترف بها دولياً ووقعت معه اتفاقاً للمشاركة معها في الحكم.
في هذا المثلث نجد الحكومة الشرعية أضعف أضلعه، إذ لا تتمتع بأي مصداقية عند الناس، ولا تقوم بأيٍ من مسؤولياتها الوطنية، ولا تمتلك أي سلطة على الأرض إلا في مساحات جغرافية صغيرة لا تتحكم بإدارتها كاملة، كما أنها بلا إمكانات مالية واقتصادية وإدارية، كما أن سيل التعيينات التي ضخمت كشوفات الرواتب تمت على أسس حزبية ومناطقية وعائلية دون النظر إلى كفاءة أو خبرة أو أحقية.
هذه العوامل جعلت المواطنين لا يجدون ممثلاً ذا مصداقية تقنعهم بجديتها وجدارتها، وهي التي لم تستطع الدفاع عن نفسها، ولا قادرة على الاستمرار على البقاء دون عون خارجي، كما أنها تتشكل من مكونات عديدة ليس لها موقف موحد تجاه الأوضاع، وخلافاتها على الأرض شديدة ومعلنة ولم يعد يجمعها إلا خصومتها للحوثي.
الضلع الثاني: جماعة الحوثي التي استولت على السلطة ثم واصلت فرضها بالقوة المفرطة في المناطق التي توجد فيها ميليشياته والجماعات المتحالفة معها، واستطاعت بالترهيب بسط الأمن العام، وتمكنت نسبياً من توفير الحد الأدنى من الخدمات مع انتشار الفساد في صفوفها عبر شبكات مالية أنشأتها لهذا الغرض، لكنها في المقابل قمعت الحريات العامة والخاصة، ومنعت كل معارض وكل معارضة لسياساتها، واحتكر أتباعها كل المواقع الرئيسة في المؤسسات العامة، وصار الانتماء المذهبي هو العامل الأساس في الاختيار، وتم استبعاد الكفاءات الإدارية القديمة وتم استبدالها بالمقربين وأهل الثقة.
ولا يمكن أن تزعم جماعة الحوثي أنها تمثل اليمنيين، فهي ليست سلطة منتخبة، ولا تعبر عن آمال وطموحات أغلبهم رغم شعاراتها البراقة مثل "محاربة العدوان" و"الصرخة" و"المسيرة القرآنية"، ولم تتمكن من الخروج من انكفائها وتشددها المذهبي ولم تخرج بمشروع وطني جامع، وحولت مظلوميتها التي كانت تروج لها وتعاطف معها الناس يوماً ما إلى قسوة وظلم للمختلفين معها.
الضلع الثالث: المجلس الانتقالي، الذي كان نتاج تراكم سنوات طويلة من الغضب والإقصاء السياسي بدأ بعد حرب صيف 1994، التي أسست لتنامي شعور انفصالي في الجنوب، لم تعمل الحكومات المتعاقبة على التعامل معه بإيجابية حتى 2012 حين اعترفت القوى السياسية بما صار يعرف بالقضية الجنوبية.
ورغم هذا الاعتراف فإن معالجة جذورها تمت بأساليب أدت إلى تفاقمها، وكان واضحاً أن الجهد كان مركزاً على تشتيت القوى الجنوبية وإضعافها وشراء ولاءاتها، وبعث نزاعات مناطقية وقبلية. ثمّ جاء وصول ميليشيات الحوثيين إلى الجنوب ليرسم معالم مرحلة جديدة لا يمكن معها العودة إلى الصيغ القديمة.
بعد خروج الحوثيين من عدن، كان المؤمل أن يجد فيها ممثلو الشرعية قاعدة لإعادة بناء مؤسسات الدولة والجيش الوطني، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، وزادت نقمة المواطنين وغضبهم وكان لا بد من كيان يملأ الفراغات التي تركتها الحكومات المتعاقبة بعد خروج الحوثيين، وأسهم تدهور الأمن والاغتيالات وانهيار الخدمات الصحية والأساسية وزيادة أعداد العاطلين في خلق مناخ مثالي لظهور كيان "المجلس الانتقالي" على أنقاض غياب الحكومة وفسادها.
لم تتعامل الشرعية مع الانتقالي بحكمة وواقعية، فدخلت في صراع معه على أحقية تمثيل الجنوب، ورغم أن الإمارات لم تخف دعمها للمجلس ورغبتها في أن يتولى إدارة الأوضاع فإن ذلك ما كان ليتحقق لولا غياب الحكومة والرئيس والعجز والكسل، بل إن قرارات رسمية صدرت لضم قيادات من داخل المجلس إلى المؤسسة العسكرية الرسمية، وضم عناصرها إلى قوام الجيش وكشف رواتبه.
بمرور الوقت استطاع المجلس تثبيت وجوده السياسي والعسكري نسبياً، في مقابل اختفاء وعجز المؤسسة الرسمية، وتدريجياً تحول الصراع السياسي إلى مواجهات مسلحة فرت الحكومة بعدها، ولكنه لم يتمكن من تحقيق أي من الطموحات التي رفع سقفها، دون أن يكون قادراً على مواجهة متطلباتها، وهو ما وضع مصداقيته على المحك أمام الناس، ولا يمكن للمجلس أن يزعم أنه ممثل وحيد للجنوب، فرغم أنه قد يكون الأكثر تنظيماً وحضوراً على الساحة، فإن هناك قوى أخرى متناثرة في الرقعة الجغرافية التي تقول الشرعية إنها تسيطر عليها في الجنوب مثل مؤتمر حضرموت الجامع، ومجلس المهرة وسقطرى، والحراك السلمي وحزب الإصلاح والحزب الاشتراكي. هذا دون أن نُغفل الجنوبيين في الحكومة والجيش الأمن.
هناك حالة مشابهة وإن كانت محصورة في رقعة جغرافية ضيقة جداً على الساحل الغربي، حيث تكون ما يُعرف بحراس الجمهورية، وهو تشكيل عسكري لا يتبع الشرعية، ولا يتلقى تعليماته منها، ويدير معسكراته بعيداً عن سيطرة الحكومة، ويرفع شعارات لا تجذب إليها الكثير بسبب قياداتها، وما ترسخ في أذهان الناس عنهم في تلك المنطقة. وفي الرقعة نفسها أيضاً هناك ما يُعرف بالمقاومة التهامية.
في هذا المشهد سيبقى السؤال العالق بدون جواب: من يمثل اليمنيين ويعبر عنهم ويطرح قضاياهم؟
كل الأطراف تدّعي أنها تعمل ليل نهار من أجل الوطن، وتجاهد في سبيل المواطن، وأنها تقتل العدو اليمني لإسعاد المواطن وتنهب موارده من أجل رفاه وتقدم المواطن، ويزعم كل منها أنه يريد وطناً آمناً مستقراً مزدهراً. وكلها تقول هذا حتى وإن كانت دماء اليمنيين ودمارهم هي الثمن، فما الحل؟
ليس أمام اليمنيين إلا أن يكثفوا جهودهم في اتجاه تجميع أصواتهم الغاضبة تجاه الجميع، والإعلان عن عدم اعترافهم بهم ممثلين نزيهين وصادقين، ولهذا فمن الواجب الاستمرار في رفع الصوت المحتج الناقد الفاضح. وليس صحيحاً أن ذلك غير كافٍ ولا مفيد، فاليقين أنه سيتراكم حتى يصبح حقيقة واقعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.