قد يبدو المرء حزينا لأجلهم ؛ لأنهم لا يعرفون معنى الرحمة ، لم يعرفوا بعد لذة فرحة اقتسام حزن إنسان وتبديده ، قد يروننا أغبياء ؛ لأنا في نظرهم غافلون جاهلون ، يعلو الحزن وجوهنا ، عندما نجد من يأكل من ثمار أشجار لم يغرسها ، لكن عزاءنا أنهم لا يملكون القوة للبقاء طويلا أمام المرآة ، التي تعكس تجاعيد السطو على وجدان وأفكار الآخرين ، لقد فعلنا ما نراه صوابا ، وتراجعنا عندما رأينا أن تحصين الذات من الفوضى والقلق أولى من الدخول في معارك وهمية ، يحسبها البعض شطارة أو ذكاء أو فهلوة ، ونحن نراها طعنة بخنجر في الكرامة . لسنا نادمين على أي خطوة ، أو موقف أو فكرة ، حاولنا فيها ترميم جراح أو إسكات وجع ، أومسح دموع ، يصيبنا حزن عميق على من يعتقد أن العطاء مرادف الغباء ، وأن الذكاء في استغباء الآخرين ، من يدري لعل الله يكتب لنا فيما يظن أنه خسارة فوزا كبيرا ، قد نبدو ضعفاء في نظر الآخرين أحيانا، لكن نعمة النسيان تلملم شتات الذات في ما تبقى من ذاكرة الألم ، وتبقى ذاكرة القلب لا تتغير ، ومع مرور الزمن يعاد ضبطها ؛ لتبدأ من جديد بلون جديد وكأنا في بداية مشوار العمر.