كذا فليجِلّ الخَطْب ولْيفدح الأمر فليس لعين لم يَفِضْ ماؤها عذر فتى مات بين الضرب والطعن مِيتة تقوم مقام النصر لو فاته النصر
رحم الله الشيخ الشهيد ربيش بن علي وهبان العليي عضو مجلس النواب، و القيادي في التجمع اليمني للإصلاح الذي قضى نحبه بين طعن القنا و خفق البنود، هناك في وطيس اللهب، و في مواقع الشرف و البطولة، و ميدان التضحية و الفداء، مجاهدا بحق، و مدافعا بوفاء، و مقاتلا بشجاعة وبسالة و كبرياء . فلله در الميادين، و لله در الرجال ؛ لله در الميادين التي تفرز الأبطال و المواقف، فتفرز الحي من الميت، و لله در الرجال الذين يملؤون الميادين بمواقف البطولة و ثبات الصمود، وما بدلوا تبديلا. غذوا خطاهم نحو نسج خيوط الفجر الصادق، و الإشراق القادم، يبذلون لتحقيق ذلك الهدف جهدا، و مالا، و نفسا : و ما مات حتى مات مضرب سيفه من الطعن و اعْتَلّت عليه القنا السُّمْر كان بإمكان الشيخ أن يبقى في صنعاء بعد نكبتها، و يرتضي أن يصبح في طابور العكفة ضمن من ارتضوا ذلك الوضع . كما كان يمكن للشيخ ربيش و هو الشيخ المشار إليه بالبنان، و عضو مجلس نواب يشغل مقعدا فيه ؛ كان يمكنه أن يغادر، و أن ينضم إلى شلة المقاعد ( المعاقة ) التي تتحرك بحسب الدافع من الخلف، أو( بالريموت ) من بعيد ! و كان يمكن أن يغادر اليمن نحو عاصمة دافئة، أو أن يبتلع لسانه ؛ ليبقى يترقب فرصة تناديه من هنا، أو تواتيه من هناك، أو يخدعه حظ (تعيس ) من مشروع مشبوه فيلقي بنفسه في أحضان الحظ التعيس !! لكن الرجل - مع آخرين محترمين من أعضاء مجلس النواب - أبت لهم ضمائرهم، و أبى شموخهم إلا أن يكونوا - و بمواقف مجاهرة- في صف الثورة و الجمهورية، و في الصف المقاوم ببسالة ضد الكهنوت الإمامي، و مزاعم الاصطفاء الحوثي، فمنهم من ناضل بقلمه و لسانه و مواقفه، و منهم من جاهد و ناضل بسنانه و لسانه، و بنفسه و ماله، و من هؤلاء الشيخ الشهيد ربيش العليي : تسيل على حدّ الظُّبات نفوسنا و ليست على غير الظباة تسيل الرجال مواقف، و المواقف لها رجال، و يبقى البعض في غفلة ساهون، أينما توجهه لا يأت بخير ، يستوي عنده الليل و النهار، كما تستوي عنده الأوضاع الاستثنائية و العادية . و لأن الشيخ ربيش بن وهبان العليي رجل استثنائي في ظرف استثنائي، فقد جاءت مواقفه استثنائية، و هل هناك من دليل هو أدل من النهاية الاستثنائية التي انتهت به حياته ؟ فأثبت في مستنقع الموت رجله وقال لها من تحت أخمصِك الحشرُ أحب أن أختم بالتذكير أن هذه السطور تأتي من أقصى جنوب جنوب تعز ؛ لتقف إجلالا و إكبارا لرجل استثنائي في مواقفه، و هو بالمناسبة من مكان بعيد - مسافة - عن تعز، و ليس بينه و بين هذه السطور صلة قرابة، و لا منافع مادية متبادلة، لكن الإصلاح - بفضل الله - شيّد بنيانا ، فألف القلوب، و وحد الرؤى ، و رص الصفوف، فلم يعد بين صفوفه قروية المواقف، و لا خرافة السلالة، و لا عقلية المناطقية البليدة . و مع هذا و ذاك فقد انحاز بكامل صفوفه و مواقفه - عبر امتداد التربة اليمنية - إلى صف الشعب و الوطن، يقدم التضحيات بلا منّ، و يملأ الجبهات بلا ثمن، و يجاهر بمواقفه دون تردد .
خالص التعازي لأسرة الشهيدخاصة ؛ و للإصلاح قيادة و قواعد و أنصار، و للشعب اليمني عامة.. فرحم الله الشهيد ربيش بن علي وهبان العليي رحمة واسعة، فقد ضرب المثل، و أعطى القدوة :
عليك سلام الله وقفا فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عمر