رحل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى جوار ربه، و فقدت الكويت، بل فقدت الأمتان العربية و الإسلامية علما من أعلامها السياسيين البارزين، و لم يقف المصاب عند حدود دولة الكويت الشقيقة، بل تجاوز إلى أرجاء العالم العربي والإسلامي، بل و الإنساني. كانت دولة الكويت الشقيقة ممن سارع مبكرا للاعتراف بالجمهورية إثر ثورة السادس و العشرين من سبتمبر المجيدة عام 1962. و لم تكتف بمجرد الاعتراف فحسب، بل دعمت النظام الجمهوري بمساعدات أخوية سخية، كما وقفت داعمة و مساندة له في المحافل الدولية . للكويت الشقيق أياد بيضاء بالمعونات و المساعدات لليمن و في مختلف المجالات الصحية و التعليمية و السياسية و غيرها. منذ ان تم إنشاء و فتح جامعة صنعاء كأول جامعة في اليمن - بعد حرمان فرضه الحكم الإمامي البائد، و الاحتلال البريطاني الغاشم - كانت المساعدة الكويتية هي العامل المادي الأبرز لظهور هذا الصرح العلمي ، و لأول مرة في تاريخ اليمن في العصر الحديث يدخل مصطلح، أو مفرد " الجامعة " إلى اليمن، إذ كانت هذه المصطلحات : مدرسة، معهد، كلية، جامعة ... أسماء لا وجود لها في قاموس معارف شمال اليمن في ظل الحكم السلالي لبيت حميد الدين، التي تسعى بيت بدر الدين الحوثي جاهدة لإعادته . قبل ذلك نثرت دولة الكويت الشقيقة المدارس في عموم الجمهورية، و لم تقتصر المشاريع التنموية في إطار المدن فحسب، بل كانت هناك المدارس المنتشرة للكويت في مختلف أرياف اليمن . قامت ثورة 26 سبتمر، و كما لم تكن هناك مدارس، فبالتالي لم يكن هناك مدرسون، بل إن مفردة مدرس، أو معلم كانت مفردات غير واردة و لا معروفة، و ذلك بسبب سوء و فساد حكم الكهنوت من أسلاف الحوثي، و إزاء ذلك سارعت دولة الكويت الشقيقة بالتعاقد مع مدرسين مصريين و سوريين و غيرهم ؛ ليقوموا بالتدريس باليمن و على حساب الكويت ! في مجال الصحة يمْثل مستشفى الكويت كمعلم صحي بارز في العاصمة صنعاء، و كما استقدمت الكويت المدرسين العرب للتدريس، استقدمت كذلك الأطباء، بل وحتى الممرضين و الممرضات ! ذلك لأن ثورة 26 سبتمبر عندما قامت لم يكن هناك ممرضين أو ممرضات، ناهيكم عن أطباء ؛ لأن بركة الحكم الإمامي الذي استلم الحكم بعد العثمانيين في عشرينيات القرن العشرين سارع الى تحويل قاعات و مرافق كلية الطب العليا في صنعاء إلى اصطبلات للخيول، كما فعل بالمدارس التي خلفها الاتراك يومها !! الحديث عن الأيادي البيضاء للكويت الشقيق شعبا و قيادة و حكومة يطول، و يتشعب بطول باع حضور الكويت الداعم و المساند لليمن. لا أنسى أن أضيف أن اساتذة الجامعة، جامعة صنعاء منذ افتتاحها إلى سنين عددا ، و جلهم من الدول العربية و هناك أجانب أيضا، كانوا على حساب دولة الكويت، بل كانت تقدم للطلاب اليمنيين الدارسين مكافأت مالية شهرية و تغذية تشجيعا و تحفيزا لهم لمواصلة الدراسة الجامعية. و للكويت الشقيق شعبا و قيادة و حكومة مواقفه في مساندة الشرعية اليمنية في إطار التحالف العربي لمواجهة المشروع الظلامي للكهنوت الحوثي ذراع إيران في اليمن . خالص العزاء للشعب الكويتي الشقيق بوفاة أميرهم الراحل ، أمير الإنسانية، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، فليست الخسارة برحيلة مقتصرة على الكويت، و إنما عمت الجميع .. فرحمه الله رحمة الأبرار .