الكشف عن تصعيد وشيك للحوثيين سيتسبب في مضاعفة معاناة السكان في مناطق سيطرة الميلشيا    صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    صاعقة رعدية تنهي حياة شاب يمني    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلمانيون في اليمن .. شرع الله خط أحمر !!.
نشر في عدن الغد يوم 08 - 10 - 2020


بقلم/عبدالفتاح الحكيمي.
رَفَعَ بعض مثقفي اليمن منذ أشهر شعار (العلمانية هي الحل) باعتبارها عندهم توأم الدولة المدنية الحديثة, ومخرجاً للصراع المزمن على السلطة.. وهي دغدغة فكرية زائفة ومفتعلة من هؤلاء وغزل(غير عفيف) لمشاعر ورغبات المجتمعات العربية الإسلامية في التحرر من حاكمية وطغيان أنظمة الأستبداد والفساد والاحتراب, ومن باب المقايضة الساذجة أيضاً وبخسهم لشأن مكانة دين الإسلام بِكُلِّيَّته, وتوطئة عن رغبة جامحة في إحالة المعتقدات السماوية الى قفص الإتهام على طريق محاكمتها لاحقاً باعتبار الدين الحنيف سبب نكبات وتخلف الأمة.
أما تأكيد عَلامِنَةْ (أبو يمن) ودعواتهم المحمومة الدؤوبة لإلغاء أحكام القرآن الكريم والسنة النبوية الشرعية من دستور وقوانين بلاد المسلمين فهي إدانة فاجرة لعدالة مرجعيات الإسلام والمعتقد الديني الذين يزعمون احترامه وتبجيله وإسباغ كل مفردات مداهناتهم للآخر عليه .
ألإسلام ليس ديانة مُتْحَفِيَّة أصبحت من التراث, ولا تحتاج كذلك إلى وصاية أصحاب الشطحات الفكرية (الطيرمانية), فهي ثقافة شاملة لأكثر من مليارين و500 مليون بني آدم حول العالم, وممارسة يومية منضبطة في العبادات والمعاملات والمسلكيات, وبصرف النظر عن مستوى انفصامية بعض الممارسة وبعدها عن تعاليم العقيدة, فذلك أمر يختص بالمتدينين وليس بالديانة نفسها ألتي يبرر المُتَعَلْمِنون إصدار شهادة وفاة لها ويستعجلون الخطى لالقاء نظرة الوداع الأخيرة لنقلها إلى أقرب مقبرة !!.
* الإسلام لا يتجزأ *
تشريعات القرآن الكريم (ألإيمانية) لا تفصل بين ما هو اعتقادي من العبادات(التوحيد, الصلاة, والزكاة, والصيام . الخ) الأخلأقيات والمعاملات وبين الأحكام والتشريعات التوافقية والجزائية( تنفيذ العهود والعقود, التجارة, وإقامة حدود القتل, والزنا, والحرابة, والسرقة, وقسمة المواريث,وكل مفردات العدالة الاخرى لمظالم الناس لبعضهم.. الخ).
إيمان المسلم غير قابل للتجزئة (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض).
والمتعلمن العربي-اليمني الذي يزعم تبجيله لكتاب الله وسنة رسوله(كشعارات مدنية حداثية) يمارس وصاية بابوية على الآخر حينما يتفضل(مشكوراً) بالدعوة إلى منح المسلم حرية ممارسة الشعائر التعبدية والطقوس الدينية وحدها باعتبارها من(العادات والتقاليد).
ولا تنسى جوقة النفاق الثقافي الكبير هذه التكرم على المسلمين أيضاً بتحذيرهم من ضرورة الحفاظ على عقولهم من الأنحطاط الحضاري(المدني) بعد أن فقدت أحكام القرآن الكريم والسنة صلاحيتها كأي بضاعة فكرية !!.
* رفض مرجعية القرآن*
لم يقبلوا في مقترحات صياغة مسمى ( الدولة المدنية الحديثة) حتى الاسترشاد بكتاب الله .. وهو القائل تعالى : وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً.).
ويبدو تأثير تجربة حكومة الخرطوم المؤقتة واتفاقها الأخير مع الجبهة الشعبية لتحرير السودان على إلغاء كل أحكام الشريعة الإسلامية من الدستور والقوانين حاضراً في ذهن علامنة اليمن أكثر من غيرهم.
لذلك تجدهم عندنا ضمناً مع اختصار القرآن وتنقيحه من الأحكام (الأخطاء الربانية), أو هم مع تجزئته وشطب سور وآيات فيه تتسق والحداثة العصرية.. وصولًا إلى مرحلة الهلوسة الفكرية العظمى, بالدعوة الى تعديل دستور أرحم الراحمين تعالى علواً كبيراً.
تلك جزئية النفاق في خطاب هوشلية العَلْمَنَة وأهلها في اليمن والمغرب العربي ومصر وغيرها.
أما جزئية الإيمان ببعض الكتاب (أداء شعائر العبادات التقليدية فقط) وترك بعضه الأصلي (تحقيق عدالة القضاء بين الناس وتنفيذ أحكام الحدود الجزائية ورفع المظالم والأنتصاف وغيرها) فهي غاية الهذيان الذي لا يكل أصحابه من نفث سُحُب دخانه لتلويث حياتنا أكثر مما هي عليه.
فحكم شرع الله في من يسعى لفصل وتغييب أحكام القرآن وعزلها عن شؤون الحياة والدولة والمجتمع مردود عليه بكلام الله المحكم قطعي الدلالة والثبوت بَقَسَمِه المغلظة لرسوله الكريم :
فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحَكِّمونك في ما شَجَر بينهم, ولا يجدون في أنفسهم حَرَجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً).
لعلها جدلية العلاقة بين الإيمان وحاكمية شرع الله ورسوله, فلا تنفع عبادات الدهر كله ولا صيام أو قيام وزكاة ملايين السنين وأِنفاق أموال الأرض جميعاً مع رفض الحكم بما أنزل الله .. إلا أن يكون الإيمان (هواية شخصية) من باب التقليد والعادات ومظاهر البريستيج الإجتماعي.
وكلنا مولعون بالتراث وثقافة الماضي, وليتحول دين الإسلام وشرعته كذلك إلى قطعة آيس كريم أو شوكلاتة أو دجاج ولحوم ومعلبات مجمدة في ثلاجة الزمن إلى وقت الطلب.
وشيء طيب أن ينشئ المتعلمنون في اليمن جمعية(حظيرة تراث ثقافية) أو مقبرة خاصة بالإسلام , أو حتى نصب تذكارية تؤكد انتماءهم الظاهري وهويتهم الحضارية.. فالإسلام عندهم مجرد زَيّ وطني لا يختلف عن الزنة والعسيب(القميص والجنبية).
* تلفيق على الرسول*
ويتسع فضاء التلفيق المعرفي عندهم للتطاول على رسول الله ولي عنق نصوص السنة النبوية بزعم أن مُبَلِّغ رسالة الأمة محمد صلى الله عليه وسلم ناقض جوهر بعثته, وقد رخص للأمة الإسلامية تدبير وإدارة شؤون الحكم باختيار ما يصلح لها من تشريعات ونظم حكم .. ويستدلون بالحديث النبوي المشهور ( أنتم أعلم بشؤون -أو أمور- دنياكم) حجة على قائله ونسبية رسالة الإسلام .. وبذلك يوفر المتعلمنون على الأمة مشقة الجهد ورفع الحرج عن إلزامية الاحتكام لشرعة ألله ومنهاجه .. هذا الأِكتشاف العبقري المعتسف لدلالة حديث نبوي ورد في مسألة بعيدة عن الحكم والسياسة, وتحديداً هو رد على سؤال أحد الفلاحين لرسول الله في ضرورة تأبير النخيل(تلقيحه) من عدمها وهو موضوع مجاله في الزراعة ومواسمها وطرقها, وليس من شؤون إدارة الدولة والحكم, وكان رده صلى الله عليه وسلم الشهير للفَلاح: ( أنتم أعلم بشؤون دنياكم).. ولم يقل دينكم, وهي حجة مفتراة أخرجها المتعلمنون العرب من سياقها وتلقفتها ظنون علامنة اليمن(المجتهدون/المجهدون) إلى حيث تلقي بهم شهوات الأهواء والنزق.
ولم يسلم القرآن الكريم كذلك رغم قداسته من تحريف وتجريف فكر هؤلاء, وتحويل آيات الله المُحْكَمات (واضحة الدلالة وقطعية ثبوت الحكم) إلى نوع من التسلية والميتافيزيقيا الفكرية والهرطقة وتزيين نزغات الكفر بما أنزل الله على أنها أبرز مخارج الخلاص من الأستبداد السياسي لأنظمة المتغلبين وإقامة أسس تشريعية لدولة عدالة ليس لله وكتابه ورسوله شأن فيها أو مرجعية نافذة, ولا مشورة يؤنس إليها وبها.
وكما قال الله تعالى فيهم :
: ((فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه(القرآن) ابتغاء الفتنة(الشرك/ألكفر) وابتغاء تأويله)).
ومن لا يتورع عن تشويه كتاب الله تعالى وآياته المحكمة وأهداف رسالته الخاتمة لن يوفر ماء وجهه في تحريف كلام رسول الله, فنسخوا القرآن الكريم بالحديث النبوي إمعاناً في إثبات تناقض الأسلام وعدم ثبات أدلته ودقة مقاصده, وأنه مجرد ديانة نسبية وزمنية لا ضرورة لها أو طائل منها, فيما إن نص الحديث النبوي بداهة وعقلاً لا يلغي حكم نصوص القرآن كما هو قول المتعلمنة(إن القانون لا يتناقض مع روح الدستور المدني الحداثي اللاديني).
* موقف اليهودية والنصرانية*
كل الديانات الكتابية الربانية السابقة للإسلام ربطت صحة إيمان الأفراد بتطبيق الأحكام السماوية بما فيها اليهودية والمسيحية, أما المتعلمنون( ماركة أبو يمن) بوجه خاص في الموقف من جدلية العلاقة بين ( واحدية ألإيمان والعبادات وحاكمية الله) تنكبوا مسارات مماثلة لما كان عليه بعض بني قريضة وطلبهم من النبي الحكم في بعض خلافاتهم بالقرآن وليس بما عندهم فأنكر الله ذلك عليهم :(( وكيف يُحَكِّمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يَتَوَلَّون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين( المائدة 43 إلى قوله تعالى في فصل الدين عن الحكم : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.44-).
وكما اليهودية لا تستثني حاكمية ألله النصرانية المسيحية كذلك من امتثال شرائع الدين : وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه, ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون(47).
فكتب السماء كلها وزبورها عند داوود وفي الألواح لا تفصل الدين عن الحكم, بل إنها أخرجت من يقول بذلك من الملة بتأكيد وتكرار قاطع لا يقبل اللجلجة والهزو (ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون1/ الظالمون2/ الفاسقون3) بنص حكم كتاب الله (القرآن) الذي أكد ما قبله وليس وجهة نظر أو رأي شخصي محض أو افتراء على المخالفين من أرحم الراحمين.
فشرط الغاء قوانين وأحكام القرآن والسنة الصحيحة ألتي يروج لها المتعلمنون ومُراوَدَة المسلمين التشريع بخلافها يلغي واحدية رسالة الأديان السماوية, لذلك فاليهودية والمسيحية والإسلام الخاتم ليست مجرد عقائد وطقوس صلوات وشعائر ومناسبات وزينة أعياد فقط بل وشرائع(حكم) بلا حدود أو قيود, فلا إيمان مع رفض تشريع رب الإيمان .. ولا عدالة أرضية أو وضعية أو سمو لقوانين وتشريعات أكثر رحمة وأِنصافاً للبشر من عدالة الله سبحانه تعالى..((لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا = المائدة 48)).
والفارق هنا لصالح يهود زمان أنهم لم ينكروا دينهم أو ينسلخوا من جلودهم بل ظن بعضهم أن حكم القرآن سيحقق مصلحته الشخصية من الخصم.. وأترك التعليق للجمهور لمقارنة الفشخات الحضارية التي وصل إليها بعض محسوبين على المسلمين عندنا.. وقد جعل الله القرآن مرجعية حكم جامعة لاختلاف المسلمين لا بديل لها :(( وما اختفلتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أُنيب.(الشورى 10).
* شرع ألله أكبر من الصلاة والزكاة*
وأكثر من ذلك أن وجوب والزامية وعدد آيات تحكيم شرع الله ورسوله في القرآن الكريم هي أضعاف أضعاف وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج والصدقات .. فرسالة القرآن العظيم ليست عبادات وقيام وتسابيح ودعاء الليل والنهار أو أخلاق مجردة و(بريستيج, واتيكيت) فقط بل هي أكثر من ذلك حكم عدل وإنصاف, ودولة راعية تقيم شرع الله وتصون الأمانة لا تخونها, وإنفاذ حكم الله ولو بالجبر :(( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب أن الله قوي عزيز ( الحديد25).
والحكم بغير شرع الله وكتابه إنكار لرسالته وأن شرائعه هي العدل المطلق, وسبب التنزيل ليس إقامة الشعائر التعبدية وحدها بل وإقامة الحكم والحق في الأرض :((أنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك ألله ولا تكن للخائنين خصيما(النساء 105).. فهل نمضي مع أباطيل العلمانيين(أللادينيين) أم مع رسالة رب العالمين.؟.
* شذوذ فكري*
ألأنكأ أن المثقف اليمني المتعلمن على معرفة معقولة بكتاب الله أكثر من أعراب الفرانكفونية والانجلو سكسونية, والماسونية, بحكم نشأة اليمني في بيئة ثقافية ملتزمة فتكون أهواؤه الفكرية أقرب إلى خيانة الله ورسوله : يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول ولا تخونوا أماناتتكم وأنتم تعلمون)) خيانة تضع حال المسلم في منزلة بين منزلتين على الأقل إن لم تَكُبّ رؤوس الهلوسة(العلمانية) ووبائهم الذهني أسفل سافلين.
وقوله تعالى للرسول الكريم: ثم جعلناك على شريعة من الأمر(الحكم) فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون(أي الذين لا يتقون الله أو يخشونه في انفسهم)..الجاثية 18.. وذلك حال عَلامِنَة اليمن (ألمثقفين) كواقع حال علماء بلاط السلطان الذين أحَلُّوا مؤخراً ما حرم الله من فسوق ومعاصي ينكرها الكافر قبل المؤمن والجاهل قبل العالم .. لكنها قاعدة(خالفوا تُعْرَفوا) فأنكر بعض الأزهريين تحريم الخمر, وأباح أحد النجديين بيعه مع سهرات المجون !!.
ونسوا أن الله سبحانه وتعالى قد يغفر لمرتكب الكبيرة مع ستر العبد لها, ويحل عقوبته في الدنيا والآخرة على من يزين الفاحشة للآخرين أو يتهم غيره بها ولا يقترفها :(( ألذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الحياة الدنيا وفي الآخرة .. والله يعلم وأنتم لا تعلمون)) فالله كذلك يصفح أكثر عن المستور ويعاقب على المجاهرة, وفي الحديث القدسي إن إنساناً يعاقبه الله لأنه ستر فعلته وفضح هو أمره !!.
فما بالنا بدعوات فساد فكرية شاملة خطيرة لا يدرك أصحابها مدى عبثها بدين وأخلاق المسلمين وقيمهم الأعتقادية, وفي مجتمعات يصفها العَلامِنَة ب( المتخلفة) وأحوج ما تكون إلى بقايا القيم الحميدة وإلى ترشيد وتصحيح الأنحراف وليس تجريف المرجعيات الروحية.
تمضي بنا أمونيا أفكار العلمانية الطفيلية في اليمن والبلاد العربية والمسلمة للتسلل بعاهاتها الأيديولوجية والنفاذ من باب حالة الشتات والتيه والتمزق والاقتتال الراهنة ألتي أوصلت الشعوب إليها أنظمة حكم الأستبداد والفساد والطغيان وورثة عروشها.
وكمثل تجار الحروب تتحول بعض الأفكار المريبة إلى بضاعة إعلامية تتطفل على تداعيات الحرب ذاتها وتشق لنفسها طرقات ممكنة خفية في خضم ثقافة الخراب الشامل ضمن تعبيرات انتهازية أخرى, لكن مصيرها الحتمي في النهاية(( كمن يؤذن في مالطا)) أو ينفخ في قربة مخزوقة.
وليس ختاماً بل توطئة لقادم آخر .. قوله تعالى :(( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون إلا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)) فما أسوأ من محاولة العبث بعقائد ومواثيق الناس مع خالقهم واستبدال فضيلة الدين برذيلة أفكار الضلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.