تغيرت خارطة المواجهات المحتملة ،بعد سيطرة الجماعة على العاصمة صنعاء ،وذوبان قوات الجيش و الامن ،واضمحلال قوة لاصلاح ومليشياته القبلية والعسكرية ،وباتت اليمن تقف برمتها على مشهد لا يمت بصلة لسالف الايام من حياتها، وهي تعيش لحظات ترقب فارغة من تقدير مايترتب على مشهد المتغيرات الصادمة والتي اصبحت حقيقة تمشي على الارض ،وكل شئ يوحي بحجم الكارثة التي حلت باليمن ،و لا يعفى احد من جريمة ضياعها الا مخادع لنفسه ، الجميع شركاء في البيعة وبلا ثمن ،من الطفل الرضيع حتى القائد الرفيع ،عصف صمت الخيانة بالجميع،وسقطوا في الدرك الاسفل منها، تهاوت صفوف القوي الوطنية وتصدعت مواقفها ،وغابت في التراب ،انغمست صنعاء في حزنها وغاصت حتى اعماقه المظلمة،ولم تمتد يد لمسحة دمعة الحزن الكبيرة من على خدها المجروح بسيول من الدموع والعار ،استجمعت قواها الخائرة وتذكرت بانها مدينة مفتوحة بقول روائيها محمد ،وفتر ثغرها عن ابتسامة ساحرة للجديد ،ولم تحفل بوادع احد من الهاربين ،لكنها اطلقت ضحكة ساخرة عليهم . القادمين وجوها تألفهم من اليمن ،وتنكرهم لسان وفكرة ،وتطالبهم بالاخذ من الهاربين ومن التاريخ عبرة .لكنهم قوم يشبهون اسلافهم شدة وغلظة وجنون .عجل بتصفية العاصمة من الثورة والجمهورية والنظام ،وجعلتها صعيدا جرزا ،قابلة لطل الامامي الجديد ،بالمكوث دون زرع ولاضرع وهيأتها للقتال . وكانت خيانة القوات المسلحة لشرفها العسكري والوطني ،و فتح ابواب قلاعها الحربية الحصينة ،امام جحافل الكهنوت المنظم ،هي القشة التي ضربت ظهر الدولة والنظام واصابتها في مقتل . اذن صنعاء فتحت ذراعيها للقادمين ،ورقصت على ايقاع دقات طبول الحرب الخاوية من الجبهات ،و تشابهت عليها الذكورة والانوثة بتعبير نزار العظيم ،وفقدت نشيد نفديك يايمن بضياع اليمن . وصنعاء كمدن التاريخ ممكن ان تموت مع الحقيقة ولا تبوح باسرارها ،وهذا سر خلودها السرمدي والفاضل بين مدن الارض والانسان . وان ظل السؤال الصعب يطرق رأسي بعنف هل حنت صنعاء لماضيها الامامي ؟؟! والاجابة اصعب وموجعة ومرهقة للفكر والعقل معا وان مازال متسع من الوقت في العثور عليها وانبعاثها من ركام الاحداث وتداعياتها . يتبع ........