تقرير يرصد المواقف السياسية لمنفيي انفصال 1994 وأسباب عدم عودتهم للجنوب في ظل المتغيرات السياسية. غادر (صالح) الدنيا ولم تغادر قيادات الانفصال دول المنفى.. لماذا؟! هل بقاؤهم في دول المنفى كورقة ضغط سياسي؟! المطالبة من خارج الأسوار.. هل تحقق الانفصال؟! هل وضع عدن غير صالح لعودة منفيي الانفصال؟! منفيو انفصال 1994.. أين أنتم؟! تقرير / عبدالله جاحب: كان جنوباليمن دولة (اشتراكية) مستقلة حتى عام 1990 عندما انخرطت القيادة السياسية في وحدة اندماجية مع (الشمال) بعد خروجها من حرب أهلية مدمرة عام 1986م. لكن تلك القيادة سرعان ما حاولت الانفصال مجددا في 1994م، وبعد حرب دموية بينها وبين القيادة المركزية التي كانت تمثل الشمال وبعض من الجنوب بَقت الوحدة اليمنية لكنها ظلت تحمل آلاما ومظالم كبيرة بعد إقصاء وتهميش نظام علي عبدالله صالح للجنوبيين مدنيين وعسكريين من كل مؤسسات الدولة المركزية. خرجت المظالم مجدداً على شكل حراك سياسي سُمي ب(الحراك الجنوبي) الذي أعلن عن تأسيسه من قبل ما سمي بجمعيات المتقاعدين العسكريين في 7 يوليو من العام 2007، والذي اتخذ من النضال السلمي طريقاً لنيل حقوق المواطنين في المحافظاتالجنوبية. كان الحراك الجنوبي وهو يسير مظاهرات احتجاجية يتعرض للقمع والتشويه من قبل نظام صالح الحاكم، رغم أن التظاهرات كانت تحمل لافتات مطلبية في بدايتها لتصحيح أوضاع الجنوبيين وإعادتهم إلى وظائفهم مدنيين وعسكريين بعد قرارات بإقصاء الآلاف من مؤسسات الدولة بعد حرب صيف 1994م. ولم يبرز وقتها أي دعوات للانفصال من الحركات الاحتجاجية في الداخل عدا الحركات الموجودة خارج البلاد مثل حركة الجبهة الوطنية للمعارضة الجنوبية (موج)، وحركة تقرير المصير (حتم) اللتين تأسستا في 1997م، والتجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج) الذي تأسس في 2002م. وخلال تلك الفترة خرجت الكثير من القيادات الجنوبية المطالبة بالانفصال إلى خارج العاصمة عدن، واتخذت من كثير من الدول الأوروبية والعربية مقر لإقامة ومزاولة نشاطها في الدعوات إلى الانفصال، فمنهم من استقر في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، والبعض الآخرى في عواصم الدول العربية مثل القاهرةوالرياضوأبوظبي، وانحصر نشاطهم ودعواتهم لمشروع الانفصال على وسائل التواصل الاجتماعي. ومرت الأعوام وتقلبت الأوضاع في اليمن عامة وفي الجنوب خاصة، حتى جاء عام 2011 وثورات الربيع العربي الذي أحدث هزة سياسية عنيفة لتبدأ معها مطالب الجنوبيين بالانفصال تبدو أكثر واقعية، وقريبة من التحقيق بعد خروج صالح من المشهد وتولي رئيس جنوبي للبلاد. وظلت مطلب الانفصال تتزايد بعد اجتياح الحوثيين وحلفاؤهم للعاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وتوسعهم في بقية المحافظات ومنها عدن واندلاع حرب مستمرة حتى اليوم، أعاد الأمور إلى المربع الأصعب. ومنذ استعادة مدينة عدن من قبضة الحوثيين منتصف يوليو 2015، بمشاركة القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا وأخرى موالية للحراك الجنوبي والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، تصاعدت النزعة الانفصالية والمطالبة باستعادة الدولة الجنوبية وانفصال الجنوب عن الشمال. وسيطر الجنوبيون على الرقعة الجغرافية الجنوبية، واحكموا قبضتهم على المحافظاتالجنوبية، لكن تلك السيطرة لم تغيير في الأمر من تفاصيل الحكاية للمنفيين خارج عدن، ولم تحرك فيها بوادر وملامح ومعالم العودة إلى العاصمة عدن، وظلت تلك القيادات تمارس المطالبة بالانفصال عبر التغريدات على منصات توتير والتصريحات الرنانة على صفحتهم في الفيس بوك. سقطت عدن في يد الجنوبيون، وأصبحوا يسيطرون على المحافظاتالجنوبية، كل ذلك لم يعطِ دوافع العودة لدى منفيين الانفصال في الخارج، فما الذي يمنع منفيون انفصال 1994 في الدول الأوربية والعواصم العربية من ترك تغريدات توتير وتصريحات الفيس بوك والخروج من انفصال وسائل التواصل الاجتماعي إلى تطبيق مشروع الانفصال على أرض الواقع في العاصمة الجنوبيةعدن؟!. غادر (صالح) الدنيا ولم تغادر قيادات الانفصال دول المنفى! كان الرئيس صالح الأسطوانة التي تتغنى بها القيادات الجنوبية المطالبة بالانفصال من داخل (المنفى)، وكانت الحجر العثرة التي تقف في طريق عودتهم إلى ديارهم ومستقرهم في العاصمة الجنوبيةعدن، فربط منفيون الانفصال العودة بالرئيس صالح طيلة فترة تواجده في الحكم، وجعلوا منه الحاجز المنيع والسد الفولاذي للعودة إلى أرض الوطن، ومنذ سقوط نظام الرئيس صالح ورحيله عن الدنيا بأكملها بضع سنوات إلى اليوم إلا أن كل القيادات الجنوبية المنفية لم تعد حتى اليوم؟!. وظلت تلك القيادات تقول إن ما يمنع عودتها هو حالة البطش والمنع من الرئيس (صالح)، إذن رحل صالح ونظامه فماذا أنت صانعون؟!، ومما يثير الفضول أن تلك القيادات تتغنى ليلا ونهارا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بوقوفها إلى جانب مظلومية الشعب في الجنوب حالة من التضاد الفكري ما بين قيادات تدعي نصرة شعب، ولكنهم لا يعودون. ونؤكد لهم أنه لم يعد هناك ما يمنع عودتهم بعد سقوط نظام صالح ومقتله، فهل هناك شيء آخر يمنع عودة القيادات الجنوبية المطالبة بالانفصال إلى العاصمة عدن. ابتزاز سياسي يرى البعض من المراقبين والمحللين السياسيين ذات الصلة بالشأن والملف اليمني بأن مكثوب وبقاء القيادات الجنوبية المطالبة بالانفصال في مقر إقامتهم في العواصم الأوروبية والعربية هي عملية ابتزاز سياسي، وورق ضغط سياسي تمارس على الحكومة في الداخل وعلى المجتمع الدولي والإقليمي في الخارج. وترى كثير من النخب السياسية أن لا شيء يدعو تلك القيادات الجنوبية المطالبة بالانفصال في المكوث خارج العاصمة الجنوبيةعدن في ظل سيطرة وهيمنة التكوينات والتشكيلات العسكرية والسياسية الجنوبية على السواد الأعظم من الرقعة الجغرافية الجنوبية، فلا مبرر يدعو إلى بقاء تلك القيادات المطالبة بالانفصال في الخارج إذا كانت تبحث عن الدولة والهوية والأرض الجنوبية. أما بقاء الحال على ما هو عليه منذ مغادرة تلك القيادات إلى خارج العاصمة عدن وعدم عودتها إلى يوما هذا يصب في خانة الابتزاز السياسي للحكومة الشرعية ومكونات النخب السياسية في الداخل، واللعب على ابتزاز الخارج سياسي، وكل ذلك لا يسمن ولا يغني من تحقيق الوصول إلى استعادة الدولة الجنوبية، وما بقاء تلك القيادات المطالبة بالانفصال في الخارج إلا ورقة ضغط وابتزاز سياسي داخليا وخارجيا. هل وضع عدن غير صالح لعودة منفيي الانفصال؟! ويرى مراقبون والمحللون السياسيون أن بقاء تلك القيادات في الخارج سببه الوضع السياسي المتقلب في الجنوب عامة وفي عدن خاصة الذي تتغير قياداته بين عام وآخر ففي كل منعطف سياسي تظهر قيادات سياسية جنوبية تقصي سابقتها وتدعي وصلا بالجنوب وأنها هي المخولة به. وأضافوا أن تلك القيادات الجنوبية المطالبة بالانفصال ترى أن الجنوبوعدن غير صالحة لعودتهم في الوقت الراهن بسبب حالة الغوغاء والتخبط والعشوائية الأمنية التي تعيشها العاصمة عدن. ورجح آخرون أن السبب الفعلي لعدم عودتهم إلى العاصمة عدن يكمن في جزئية (الأمن) غير المستقرة في عدن، وحالة الانفلات وشبح الاغتيالات الذي يخيم عليها في الآونة الأخيرة والذي استهدف الكثير من القيادات العسكرية والأمنية والشخصيات المدنية، مشيرين إلى أن تلك القيادات تتخوف من غياب الأرضية الخصبة للاستقرار الأمني في العاصمة عدن التي تعتبر أحد مبررات عدم عودة تلك القيادات في الوقت الراهن. الشعب والمطالبة بالانفصال خارج الأسوار! إن استمرار تلك القيادات المطالبة بالانفصال في المكوث خارج الوطن يعقد من صعوبة مهمتها إن أراد العودة للعمل السياسي، ويفقدها الكثير من ثقة الشعبي الجنوبي، فالمستحيل أن تبحث عن استعادة دولة ووطن وهوية وتلك القيادات خارج أسوار الوطن في ظل ظروف قد تكون مناسبة نوعا ما لتحقيق أهدافك من داخل أسوار الوطن، ومن الصعب أن تكسب ثقة الشارع والمواطن الجنوبي، وتلك القيادات تغرد من برلين أو ميونيخ أو باريس أو القاهرة أو أبوظبي أو الرياض، والأهم من كل ذلك لن تجد بيئة حاضنة لمشروعك الانفصالي من خارج أسوار الوطن خاصة في المتغيرات الجديدة في الجنوب، فالمطالبة بالانفصال من خارج الأسوار يفقدك ثقة وقناعة الشارع الجنوبي.