تمكنت دولة قطر في ظل حكم الحمدين بقيادة الأمير تميم من إحداث صدع كبير في لحمة دول مجلس التعاون الخليجي و جزأتها إلى كتلتين. كتلة قطر وعمان والكويت, وكتلة السعودية والإمارات والبحرين. وفي إطار هذه التجزئة نشأ شكل جديد للعلاقات مع دول العالم ودول الجوار الجغرافي تحديدا إيرانوتركيا المتدخلتان عنوة في الشئون العربية عن طريق الثلاثي قطروالكويت وعمان التي ارتضت أن تكون جبهة أمامية للقتال ضد التحالف العربي الذي تقوده السعودية والجنوب جزء منه وفيه, على أرض الجنوب بدءا بالمهرة ويصبح الصراع عربي - عربي الذي كان المفروض توجيهه ضد التمدد الإيراني والتركي في المنطقة العربية, وضد التحديات التي تواجه الأمن العربي, مهمتان من أجلهما تشكل التحالف العربي. خروج قطر وعمان ثم الكويت من التحالف العربي كان بتأثير أنظمتها المتساهلة مع إن لم تكن منتمية لجماعة الإخوان المسلمين ودعمها لمن لف لفيفها من تنظيمات وحركات إرهابية أججت خلافات حادة لم يشهد لها التاريخ العربي المعاصر مثيل لها. أنظمة صارت أدوات اختراق تعمل على تعدد بؤر التوتر والحروب والاضطرابات في المنطقة العربية, وتطويعها لتصبح موضوعا للسياسات الخارجية لا عاملا مؤثرا وفاعلا فيها, ليتفاقم دور القوى الخارجية في التلاعب بمسار حاضرها ومستقبلها. ولاشك أن ثورة تكنولوجيا المعلومات بلورت واقع معادي للمصالح العربية رغم كل الجهود التي تبذل لم ينتج عنها إلا مزيد من التفكك لدول مجلس التعاون الخليجي تنعكس آثاره السلبية على المنطقة والجنوب منها. شل محاولات تغيير النظام السوري المدعوم من إيران من العوامل التي أدت إلى انقسام دول مجلس التعاون الخليجي لا التنسيق فيما بينها رغم حيادية الدول الكبرى. إلى جانب ذلك فإن فشل الحكومة الشرعية اليمنية والتحالف العربي في تحرير الشمال من قبضة الحوثيين المدعومين إيرانيا أيضا كرس هذا الانقسام. وأصبحت قطر وعمان والكويت ونظام صنعاء وحتى جماعة الإخوان الموالين لقطر في الحكومة الشرعية اليمنية قابلين للسيطرة الإيرانية على المنطقة, بينما التحالف العربي والجنوب وجزء من الحكومة الشرعية اليمنية رافضين مقاومين لمساعي إيران وحتى تركيا للسيطرة على المنطقة عبر دعمها للنزاعات الطائفية والمذهبية والسلالية. وبالنسبة للنظام التركي وفرضية نشوء توترات بينه وبين النظام الإيراني على خلفية تغيير ميزان القوى لصالح إيران في المنطقة وانفتاح الثلاثي قطر وعمان والكويت عليها حدث العكس, تقارب حميمي بفعل تشابه نظاميهما الأصوليين ورعايتهما للإسلام السياسي وتنظيماته. ولكن, في السياسة لا صديق دائم ولا عدو دائم. صديق الأمس عدو اليوم وعدو الأمس صديق اليوم. ولا يغيب عن الأذهان أن في تركيا نظام جمهوري يخضع للمعايير الديمقراطية ورئيسها أردوغان سيظهر له منافس في الانتخابات الرئاسية, وكل التعديلات التي قام بها أردوغان في ولايته ستؤول للرئيس المنافس في حال فوزه. وعلى ضوء ذلك سيتحدد الصواب والخطأ في سياسات الثلاثي حين تنتهج القواعد العسكرية نهج أتاتورك مؤسس تركيا في التعامل معها من جهة, ومع إيران من جهة أخرى, وسيظهر العدل. والرئيس الجنوبي المفوض عيدروس قاسم الزبيدي قالها بحكمة: من لا يكون معي في العاصفة لا أحتاجه عندما تشرق الشمس. هكذا سيكون موقفنا مع الثلاثي, هل هم مستعدون على خوض حرب ضد التحالف العربي على أرضنا الجنوب؟!