شهدت قبل يومين مشادة كلامية مؤسفة، كادت ان تصل إلى اشتباك بالأيدي بين ضابط أمني رفيع المستوى ممن ركنوا بالبيت واوقفت الشرعية مرتباتهم مؤخرا للشهر ال13 من العام الماضي وبعد ان ساقني فضولي لمعرفة سبب المهاترات التي دارت بسبب رفض صاحب البقالة منح الضابط باكت سيجارة دينا على حسابه المتضخم! قال الضابط الانيق المظهر لصاحب البقالة:ياخي ماعاد تعجز إلا من باكت دخان قدك تعرفني من زمان ماعمري أنكرتك بريال وانت تعرف ان مرتباتنا لا تزال متوقفة إلى اليوم.. وارجوك قدر موقفي وعهد لله أنني ساسلمك كل الراتب اول ما يصل. قال صاحب البقالة:وانت ارجوك قدرني لأن حسابك قد تجاوز ال350 الف ومن أين لي اشتري ضمار لمواصلة تجارتي اذا فتحت قوائم دين بهذا المبلغ الذي قد يفوق رأس مالي كله وانت تعرف ان المديونية قد تأخرت وماعاد في حد يقدر يضمن هذه الدولة المغيبة هل تقدر عادها تصرف لكم مرتبات أم لا! حينها أعاد الضابط باكت الدخان بكل هدوء وهو يشير الي بأن مع صاحب البقالة الحق! وبدون ان يضيف كلمة عليه اتجه نحو سيارته وهم بالصعود.. لكنه أمعن النظر اللي فجأة، بينما غارق في تفكيري وأسأل نفسي :هل ياترى لدى أولاده وأسرته ما يأكلون؟ وقال لي:ياخي انت الصحفي الداعري.. قلت له:نعم: نزل من سيارته وسلم علي وهو يعتذر بأنه لم يعرفني أولا وقال أنه تابعني أكثر من مرة في حديثي ببرنامج قضايانا مع الرائع وديع منصور على قناة الغد_المشرق. ومعجب كثيرا بصراحة حديثي حول أوضاع العسكريين الجنوبيين المطالبين بمرتباتهم وتجاهل الجميع لهم وخدلانهم من التحالف والشرعية والإنتقالي وعدم الاحساس بصعوبة الواقع المعيشي الذي وصلوا إليه اليوم وصاروا في أوضاع نفسية لا يحسد عليها ومشاكل اسرية لا يمكن تخيلها وشرح لي قصص وقائع تدمي القلب عن احوال ومآسي الكثير من زملائه بعد قطع مرتباتهم التي كانوا يعتمدون عليها. صدمت من حجم معاناة العسكريين والامنيين الجنوبيين مع استمرار انقطاع مرتباتهم الشهرية وتجاهل كل القوى لمرارة واقعهم المعيشي واتخاذ حقوقهم كجزء من اللعبة السياسية القذرة التي تحاول بعض القوى وأطراف الأزمة استثمارها ضد طرف آخر،دون أي مراعاة للجانب الانساني والاخلاقي المتعلق بمعاناتهم كضحايا. والخلاصة التي اكتشفتها من الموقف وغيره الكثير بعد ان عجزت في إتخاذ اي موقف خجلا وصدمة من قساوة الواقع المحزن الذي وصل اليه حال محاربينا الجنوبيين القدامى. #معاناة_العسكريين_الجنوبيين_لاتطاق
