قبل سنوات كثيرة كنت في البلاد، كنت غائباً،بغرض الى سوق الحصين، ولما عدت العاشرة صباحا الى قريتي وجدتها خالية من كل أحد فسألت ما حدث للقوم فقيل لي: مشاكل قرحت في قرية كذا بين كذا وكذا وأحد الأطراف من ابناء عمومتنا فلما علم القوم بما حدث سارعوا كلٍ الى بندقيته وغادروا الى هناك على وجه السرعة دخلت البيت، لم تعد هناك بندقية، السلاح كله أخذوه الذاهبين للنفير مع عمومتهم وتركوني وحيدا لا أدري ماذا حدث ورأيت فقط سلاح ( الكندة ) التي كانت خاصة والدي له الرحمات ولم يعد يستعملها أحد وهي متروكة فقط للذكرى، أخذتها بسرعة وبحثت عن الفشك وكن في قطمة أرز ولداعي اللحاق بأهلي لا يهمني المنظر والمحزق وأخذتهن هكذا بكيس الأرز وجريت ، طفقت أهبط الجبل الذي فيه قريتنا بسرعة منقطعة النظير وأنا أضع الرصاص في الكندة لأجربها هل ما زالت تطلق ولم تعلن الحداد بموت أبي وفيما أجري أطلقت الى السماء فصاحت بشدة وكأنها صرخت عن كل تلك السنوات المكتومة منذ مات أبي وواصلت الجري ووصلت الى القرية السفلى أنادي يا مشير مشير مشير وكان مشير صاحب دراجة نارية،خذني يا مشير خلف الرجال ومن ثم واصلت الجري فدقائق انتظار الرجل حتى يخرج ويشغل دراجته مضيعة للوقت وهبطت الى الوادي مواصلا الجري ولحق مشير بي وركبت ووصلت الى حيث كانت بوادر معركة قبلية ستحدث وكان العقلاء قد أخمدوها وقفلت راجعا معهم الى القرية وهم يضحكون من الكندة وعلى قطمة السكر التي تحوي الرصاص ويسخرون مني دون أن آبه لهم اذ أعرف أن النفير يتخطى كل القيود والاكليشيهات فهو يخرق كل العادات النفير أن تقتحم المعركة بين السلاح كله برصاصه وقنابله ولو بسلاحك الأبيض كتبت لكم حكايتي لخيبة أملي بالنفير التعزي الذي تحول الى رتابة المعسكرات فاعلان النفير إنما يجيء إنقلابا على التراتبية الرتبية للجند النظامي وتتحول الراية الى المسيرة الشعبية القتالية