اليوم هو ذكرى استشهاد الشهيد حسن البنا واغتياله 12 فبراير سنة 1949م. هو يوم استثنائي في حياة الأمة كلها، هو يوم يذكرنا بالطغيان على السلام، والرصاصة على الوردة، لم يكن البنا يحمل سوى كلمته المدوية امام القتلة، ولم يكن يحمل في يده سوى القلم والكتاب امام النازيين، هذا اليوم يذكره الأجيال الى قيام الساعة، وهو يوم مظلم اسود دموي في حياة الراحل الناصر ..غفر الله له. البنا الرجل الفقير الذي أسس لجماعة وصل صيُتها اصقاع الدنيا وانتشر رجالها في كل قُطر وكل هذا على انقاض مرحلة استطاع المستعمر ان يُشتت المسلمين ويمز�'ق الخلافة العثمانية فعجز الجميع واستطاع #البنا ان يُعيد لهذه الأمة الشيء القليل بتأسيسه لهذه الجماعة المُباركة وفقًا لنظريات القرآن والسنة التي يواكبان المرحلة والعصرية تحت مسمى الحركة الإسلامية أو "الإسلام السياسي". البنا الرجل- الذي أرعب الاستعمار الصهيوني- حينما أعلن أنه سيمضي إلى الجهاد في فلسطين على رأسِ الآلافِ من أصحابه، كان لابد أن يختفِيَ من على مسرحِ الأحداثِ؛ كي يُتاحَ للاستعمار العالمي حظٌ�' من البقاءِ؛ وكي يُكتب للصهيونية العالمية احتلالُ أرضِ فلسطين وغيرها؛ وكي يُعاد تشكيلُ خريطة المنطقة العربية والعالم الإسلامي على النحو الذي خطَ�'ط له الاستعمار وأعوانُه؛ ولينفسح السبيلُ أمامَ الانقلاباتِ العسكرية المتتالية، التي دفعت إلى سُدَ�'ة الحكم في عالمنا العربي بأنظمةٍ عسكريةٍ مستبدةٍ (من مقالة للأستاذ المرشد مهدي عاكف). 80 عامًا هو عمر هذا التنظيم الذي وضع حجر أساسه #البنا الذي تم تشييع جثمانه على ظهور النساء آنذاك حينما كان فاشييوا امن الدولة يعتقلون اي احد يقترب من بيته ولم تزدد هذه الجماعة إلا تماسكًا وقوة وانتشارًا وستبقى بإذن الله. في احلك الظروف واصعبها وامر�'ها قامت دعوة الإخوان المسلمين على واقع مرير ثقيل متردي من كل الإتجاهات، الجهل والتغريب الفكري، امة تاهت ومُزقت شر ممزق، وفي الوقت الذي كانت القوى الأجنبية تعمل جاهدة من اجل تثبيت دعائم الإستعمار وتمييع الأمة وقضاياها وضع البنا حجر الأساس وبدأ بذرة هذه الدعوة .. لتنتشر كالهشيم في الأرض، ليأتي من لا يتجاوز عمره عمر هذه الدعوة ليقصيها عن الحياة. منذ 80 عامًا وجماعة الإخوان تزداد اتساعًا وانتشارًا وتقاوم كل العواصف المحدقة بها. منذ النشأة وهم يعملون للفكرة والفكر فقط، لم يكونوا ادوات بيد اشخاص ولا جماعات ولا امراء كل ما عملوه هو ترسيخ في اذهان المنتمين فكرة " الدعوة "، لم يكونوا مرهونين بشخص ولا مرتبطين بقائد ولن يكونوا .. إن الأخ الذي يقتصر على مهام محددة ولا يترك أثراً إيجابيًا فاعلًا في الأسرة والعمل والمجتمع، ليس جندي الفكرة والدعوة، الذي يعيش لها وإنما رجل وظيفة يؤديها أداء آليًا مزمنًا لا يُحدث الأثر المطلوب والمرجو منه والذي كان الأساس من الجماعة هو تأسيس رجال يعملون لله والوطن على كل حال. ان رسوخ معنى " الفكرة والمبدأ " لدى الإخوان المسلمين حفظ لهم الصف الذي تعرض منذ زمن الى هزات متتالية، خرج بعض الرموز وغادر بعض القادة إما بالإستقالة او الفصل وبقيت هذه الجماعة محمية بفكرها وقوة مبدأها الراسخ، هذا التماسك امام الضغوط النفسية والإجتماعية ليست صورًا عابرة إنما نتاج استعداد عزز ذلك تربية مستمرة صقلت الأفراد وجعلت منهم اشخاص يحملون الفكر والمبدأ لا الإسم والمسمى فحسب. هذا المؤسس البنا الرجل الفولاذ وضع أسس هذه الجماعة فقال: " الدعوة التي تقوم على الأشخاص لن تبقى ولن تدوم" لذلك استشهد هو، واختفى سيد_قطب، وهاهي الجماعة تواصل انتشارها في كل بقاع الأرض، بثبات وصمود لا مثيل لهما، هذه الدعوة لله ووجدت لتبقى وتدوم، وحينما ظهر الرعاع والمتديين المرق�'عين حاولوا ان يشخصنوا حق الله في افراد، وحاربوا دعوة الله بالنوم على بلاط الأمراء واصحاب الجاه والسلطان وميعوا حق الأمة فأنتهو. يعي جيدًا كل فرد ينتمي لهذه الجماعة المباركة ان الأشخاص زائلون، والأفراد مجرد وسائل للعمل تحت فكرة ستبقى وتدوم الى يوم القيامة، لذلك لا يقدسون احد سوى فكرتهم التي توصلهم لله والوطن .. وكان من ضمن ما قاله سيد قطب : قليل هم الذين يحملون المبادىء وقليل من هذا القليل الذين ينفرون من الدنيا من اجل تبليغ هذه المبادىء وقليل من هذه الصفوة الذين يقدمون أرواحهم ودمائهم من اجل نصرة هذه المبادىء والقيم فهم قليل من قليل من قليل. وإن جيلًا زرعته يدُ الله لن تحصده يدُ البشر. رحمك الله يا إمام، وعلى خطاك ماضون بإذن الله ولن نحيد.