كنت قبل سنوات شغوفاً بمتابعة «بركتنا» ذلك العمل الدرامي الذي مثّل واقعاً عشناه بكل تفاصيله، ثم جاء مسلسل آخر شدَّ انتباه كثير من المشاهدين خاصة النساء واسمه «وضحى وابن عجلان».. إلخ. أما هذه الأيام فالكثير من المشاهدين يتابعون «نور» وهو مسلسل تركي فيما يبدو، ولا أريد أن أتحدث عنه كثيراً لأني لا أحب مشاهدته، وحسب شاهدت بعض مقاطع. غير أن ما لاحظته هو أن أسباباً كثيرة وراء الإقبال عليه، من ضمنها جمال الطبيعة، وجمال “نور” والوسامة الوقور لزوجها أو صاحبها “مهند”. أما أكبر سبب يشدُّ المشاهدين، بل المشاهدات هو هذا الحرمان العاطفي الذي تعيشه الفتاة اليمنية، فهي تتابع بشغف الأحداث عن ظهر قلب. وقالت بعض الفتيات إن أحداً عمل لمهند عملاً ليصرفه عن نور، وهذا دليل واضح أن بعض الفتيات في اليمن كأختها الفتاة العربية في كل الوطن العربي مازالت ولاتزال كثير من النساء يؤمن ب«التعزيم» والسحر بالجن والباطل، ولاتزال الفتاة العربية مرمية بعيدة عن صدق العاطفة وحنان الأبوّة والأمومة. وحدّثني بعض الذين يتفنون في مغازلة النساء فقال: إن أسهل طريق إلى قلب الفتاة هو أن تشعرها بالحنان والعطف. فلما سألت عن السبب قال الفتى: إن البنات لا يجدن من الحنان والمودة والعاطفة ما يشبع وجدانهن في المنزل، لا من الأب ولا من الأم، ولا من الاخوان الرجال، فتقوم بسد النقص، فيكون الإغواء والإغراء بهذه العواطف الفقيدة أسهل.. قلت: حسبنا الله ونعم الوكيل. إن كثيراً من الأخطار التي تواجه الفتاة، وكثيراً من الأخطاء التي ترتكبها ناتجة عن هذه العواطف الجافة التي لا تمنحها حناناً ولا حباً، عن هذه الأنانية التي تتضخم يوماً بعد يوم، ليصبح الفصل العنصري في المنزل أكثر فعلاً ووجعاً. ويقول هذا الفتى المغازل: إن الأب يتحمل جزءاً من التبعة كبيراً، وهو المسئول عن أي مشكل يقع لابنته أو بناته؛ غير أنه مشغول بنفسه وتدبير مشكل العيش والحياة اليومية. في مسلسل «نور» تريد الفتاة اليمنية أن تحقق ذاتها أسوة بالبطلة، وتريد أن تتصرف بحرية كما تتصرف نور وصويحباتها، دون أية مساءلة، وتريد أن يكون لها منزل كمنزل نور. السؤال: لِمَ لا نستطيع إنتاج دراما تستطيع أن تجذب المشاهدين على غرار قضية كقضية نور ذات خصوصية أسرية يمنية؟!. إن هذا المسلسل الدرامي استطاع أن يجذب المشاهدة اليمنية التي تعيش واقعاً متخلفاً، نستطيع أن نجعلها تتفاعل مع قضاياها الحقيقية بنفس الطريقة التي جذبتها لتشاهد هذا المسلسل.. فهل نفعل؟!.