أيما نشاط نظري يفتقد إلى مصداقية القابلية لتطبيقه عملياً أو يفتقر إلى المنطق الذي يجعله مقبولاً لدى المجتمع، فإن هذا النشاط يصبح ضرباً من الخيال وبالتالي فإنه لايرقى إلى مرتبة التقدير كورقة عمل نفعية تخدم المصلحة العليا لمجتمعها «المستقبل» لها، الأمر الذي يجعل من مصادر هذا النشاط غرباء الفكر والسلوك في عيون واقعهم ويجعل من عقولهم بليدةً وعاجزةً تماماً عن إبداع مايجب إبداعه وفي مختلف المجالات التي تربطها بحياة الناس علاقة منتج ومستهلك حتى في العمل السياسي لأن الحياة السياسية لاتختلف عن بقية صنوف الحياة الخدمية والتنموية والثقافية والوطنية والدينية إلخ.. أحمد عبدالله قاره بل إن النشاط السياسي يؤثر تأثيراً سلبياً كبيراً على حياة الأمة برمتها إن هي أصيبت بالحمق والجهل بالمعطيات الديمقراطية وقوانين العمل بها وبالخيالية المفرطة وبالعجز عن فهم واقع حياة الناس والبعد عن ثوابتهم الوطنية والدستورية والأخلاقية فالكثير من شعوب المعمورة انحطت بها الحياة وسادها الاقتتال والتخلف والجهل والفقر والمرض والعجز عن مواكبة الحياة المعاصرة نتيجة فوضى العمل السياسي فيها وفوضوية أحد قطبي العمل السياسي«الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة» من خلال الممارسات والأنشطة النظرية والسلوكية الخاطئة التي تتعمد القفز على القوانين والدساتير وحتى على أدبيات النهج الديمقراطي المنظمة للعمل السياسي بجهل وبدون جهل والأخير هو أعظم المصائب على حياة الشعوب لأنه لامعنى له سوى فساد أرواح وقلوب وعقول وضمائر أرباب وقادة هذه الأحزاب أو تلك فساداً لايخدم المصلحة العامة للوطن بقدر مايجلب الخراب والدمار لوطنه ومواطنيه.. ولنا في العراق والصومال وأفغانستان وفلسطين ولبنان.. الشواهد العيان.. فهل ما تمارسه وتنتجه أحزاب اللقاء المشترك في بلادنا من أنشطة سياسية تعبر عن فكر ديمقراطي ملتزم؟ أم أنه ملزم وشتان بين الرؤيتين إلا أن المتتبع للفكر السياسي الديمقراطي الذي تفوح روائحه بين الحين والآخر من جماجم قادة التكتل المشترك للمعارضة يكتشف أنه فكر إلزامي لاينم عن وعي كامل بأدبيات النهج الديمقراطي السليم والمقنن وإنما عن تشتت نظري وتطبيقي في أنشطة هذه الأحزاب وهي تمارس حقها الديمقراطي والحزبي سياسياً وفق منظومة القوانين الديمقراطية والدستورية التي تنعم بها بلادنا وفي الوقت نفسه تلزم نفسها بنوازع أعداء الوطن، وأمام هذه الورطة التي وضعت فيها نفسها قياداتها وعجزت عن الخروج من المتاهة لأن من يحركها أراد للوطن والشعب وقيادته الشرعية والدستورية والحياة اليمنية عامة أن تدخل هذه المتاهة تحقيقاً لأهدافٍ موبوءة وعندما عجزوا عن تفكيك لحمة الوطن أرضاً وإنساناً ظلوا وحدهم في المتاهة المظلمة ورؤيتهم بلا آفاق أو ملامح صادقة وكأنهم حاطب ليل صاروا.. وأنى لرؤية مُتليّل أن تلامس اشراقات الوطن؟؟ ثم إن من يعجز عن إنقاذ نفسه بإعادة الثقة بينها وبينه، وبينه وبين كوادره ومجتمعه وحتى بينه وبين مبادئ وأخلاقيات حزبه التي ظلت مداميك نضاله السياسي ونشاطه.. كيف له برؤيته القاصرة عن أن يرى من خلالها نفسه ويدرك ما آلت إليه.. كيف له أن ينقذ الوطن..؟ «حاطبُ ليل» يقطّع أشجارَ الزيتون..، يحسبها أخشاباً معلقةً في الهواءْ.. يمشي بلاعيونْ، يجد في تقطيعه الهباءْ..، وكله ظنون: بأنهُ يُعد للبناءْ لكنهُ الجنونْ ورؤيةٌ غبيةٌ تقودُ أغبياءْ.. * من قصيدة لصاحب المقال