“ الإخوان دول إيه عاوزين من الشعب المصري” ضحكت كثيراً لدى سماعي لهذه العبارة من أحد أعضاء ما يسمى بالتيار الشعبي، ومبعث ضحكي أن القول يجعل من الإخوان أناساً آخرين، وغير مصريين.. تماماً كما لو أنهم جاءوا من المريخ أو أي كوكب آخر. كان العضو المتحدث ثلاثيني العمر، مراهقاً للسياسة ومقارباتها، وحديثه يبعث على الشفقة والضحك في آن؛ إذ كانت طبيعة الموقف تقتضي أن يقول: “الجبهة دي عاوزة إيه من الشعب المصري” بعد أن يقدم استقالته منها. المتابع لأداء المعارضة المصرية، خاصة ما يسمى بجبهة الإنقاذ يزداد يقيناً بعدم جدية هؤلاء في بناء دولة أو قبول الديمقراطية كطريقة وحيدة للوصول للحكم؛ عوضاً عن الفوضى والخراب الذي حشروا الشعب المصري فيه، طالما أفرزت الديمقراطية أناساً يختلفون معهم أيديولوجياً.. بعبارات مكثفة حين تفرز الديمقراطية غير ما يشتهون يريدون شراكة وحكومة إنقاذ، ويملون شروطهم على رئاسة منتخبة جاءت لتوها من رحم الثورة، وعندما تأتي بهم فهم وحدهم دون غيرهم أسياد القصر وسدنة المعبد، لا ينبغي لأحد أن ينازعهم هذا الحق أو يملي عليهم أية شروط؛ لأن في هذا مساساً بقواعد اللعبة.. مفارقات عجيبة تؤكد الفكر الإقصائي والاستبداد السياسي لهؤلاء، وعدم اعترافهم بالآخر وهم لمّا يزالوا خارج الحكم..! في الوقت الذي يتهم فيه هؤلاء جماعة الإخوان بالإقصاء والانغلاق. تريد جبهة الإنقاذ أن تسحب كل صلاحيات الرئيس المنتخب في انتخابات حرة ونزيهة كانوا بعض شهودها، فلا يعيّن، ولا يعزل ولا يحكم. إلى ذلك يطالبونه أن يكون مسئولاً عن الدماء التي سفكت بسببهم، وأن يحقق كل أهداف الثورة، بوقت وجيز وتثور ثائرتهم إزاء أي قرار تصدره الرئاسة من شأنه البدء في السير وتجاوز تركة الاستبداد السياسي والفشل الاقتصادي للنظام السابق! تريد الجبهة إحراق المراحل والوصول للحكم بأي طريقة، حتى لو كان في ذلك إحراق للبلد، لا يهم ذلك طالما سيصلون للمعبد! أيكون ثائراً من يحاصر سلطة منتخبة ويهيج الشارع عليها، ويدمر المنشآت الحيوية!؟ أيكون ثائراً من يحاول إسقاط هيبة الدولة، ومؤسساتها الدستورية ويقوّض قواعد اللعبة!؟ ليس لدى الجبهة ما خسرته أو ما ستخسره حتى تتمترس وراء كل هذه المطالب التعجيزية بقدر ما هي مقامرة سياسية غير محسوبة النتائج، سترتد أول ما ترتد على أصحابها في اللحظة التي لم يكونوا يتوقعونها ولا يرغبون فيها، حتى ولو قدروا النجاح بطريقتهم تلك في الوصول للحكم وتسيُّد المعبد؛ ذلك أن نجاحاً من هذا النوع هو نجاح مزوّر أو مزيّف إن شئتم وغير متين الأساس، ويعكس لؤم أصحابه وعدم ثقتهم بأنفسهم. إن أخطر نتيجة لهذه الممارسات الغارقة في السلبية والتعصب المقيت هي التأسيس لفوضى عارمة وليس لها حدود، وزرع قابلية لدى الناس بعدم القبول بنتائج الديمقراطية وإفرازاتها. ومن السهل بعد ذلك ألا يستقر لرئيس منتخب قرار طالما بقيت الفوضى سيدة الموقف غير منازعة.. من الممكن مثلاً تقويض هذه السلطة المنتخبة وقفز الجبهة للكرسي بطريقتهم طبعاً، ولكن هل سيبتسم لهم بقية المصريين وسيوزعون عليهم القبل!؟ الجميع احتكموا بُعيد الثورة للانتخابات وجرت هذه الانتخابات بطريقة ديمقراطية نزيهة وشفافة، لأول مرة في تاريخ المصريين، وأنتجت هذه الطريقة رئيساً منتخباً وفق اللعبة التي تراضوا عليها، فيجب إذاً خروج الرئيس من السلطة بالطريقة نفسها تماماً كما يجب عليه ممارسة كل سلطاته الدستورية والتنفيذية، أليس هذا هو الأمر الطبيعي لأي رئيس منتخب!؟ فعلام تهتاج الجبهة وتؤلب الناس على هذه السلطة!؟ تفاعلات المشهد السياسي المصري، وتصرفات جبهة “الخراب”إزاءه تشي بأن وراء الأكمة ما وراءها، وأن مخابرات عاتية وفلول النظام السابق تقف متربصة خلفه. الغرض من كل ذلك طبعاً هو إفشال المشروع الإسلامي، لا سيما المصري بأي سبيل؛ لأن نجاح هذا المشروع أيقونة واضحة ومقدمة يراها كثير من المراقبين ضرورية لنجاح المشروع الإسلامي في المنطقة بأسرها.. على أن وقوف أغلبية الشعب المصري خلف قيادتهم الشرعية المنتخبة وموقف الجيش الإيجابي المحايد كاف لبعثرة وإفشال كل خطط الخصوم وحلفائهم. رابط المقال على الفيس بوك