تفاجأ غالباً أن يقبض أحد الخطباء الصغار على ميكرفون مسجد فيرتفع صراخه فيمن تبقى من المصلين الذين لا يزيدون غالباً عن أصابع اليدين في مختلف أوقات الصلاة فيرتفع الصراخ مضغوطاً وخافتاً في تقليد سمج لخطباء الجمعة.. لا يقول شيئاً مهماً، ولا يخاطب الناس في ظروفهم وتطلعاتهم ومعاناتهم، وأحداث الساعة، وإنما يكرر قصص الماضي وما حفظه من قصص وروايات مخترعة ما أنزل الله بها ولا رسوله من سلطان، يحدث ذلك أحياناً بعد صلاة الفجر حين يكون الناس نياماً والمصلون يغالبون النعاس فلا يستوعب المصلي المستمع المتبقي في المسجد من زعيقه شيئاً.. فضلاً عن نائم وبالذات من المرضى أو الأطفال أو العجزة وعمال منهكين من عمل النهار على موعد مع صباح يوم آخر، في نهار آخر للكد والعمل لجلب لقمة عيش أولادهم وأسرهم. ونتساءل بصمت أو جهاراً إن كان هذا الخطيب الصغير يمتلك ذرة من العقل حين يقوم بإلقاء القبض على الميكرفون في مثل هذا الوقت من الغشاوة والسكينة؟ نعرف أن الخطبة والموعظة يتوجه بهما الخطيب إلى أكبر جمع من الناس المستهدفين ليصلا إليهم.. أما أن تكون لثلة لا يزيدون عن ثمانية أو عشرة في الأغلب ناعسين، أو نياماً فإنه العبث بعينه، وجلب الأذى بدلاً عن المنفعة في ذلك الوقت بالذات يحدث أن تكون أصوات الديكة ونباح الكلاب، ومواء القطط فتختلط مع صوت الخطيب الصغير. إنه العبث والمهزلة، والاعتداء المجاني على حقوق الناس والأطفال والمرضى والعجزة والحق المدني العام في الهدوء والسكينة وإلحاق الضرر بهم من تابو المقدس والرعب الديني الذي سيستخدمه القابض على الميكرفون والداعمون له وصمت وزارة الأوقاف والإرشاد, إذ يتحول دور الأخيرة إلى سكوت عن الأذى وتشجيعاً له.. بدلاً عن تقنينه ووضع الحدود والضوابط لما هو لله وما هو للناس دون رعب أو تخويف بتابو الدين الذي لا يعرفه هؤلاء الصغار. نقول هذا مخلصين مكررين الدعوة لعلمائنا الأفاضل وكل من تعنيه سماحة الإسلام والدين الحنيف أن يجعلوا حدوداً لما هو من سماحة الدين ورفقه ولطفه بالمسلمين، وما هو من حق الخطيب والواعظ وما هو للحق المدني في الدعة والسكينة بعيداً عن هرولة الخطباء الصغار... كي لا يساء بذلك إلى جوهر الدين ومقاصده الروحية النقية والتشريع الفقهي المتسامح الذي يغلب المصلحة العامة على مصالح الفرد وأنانيته وجهله ليستغل الدين وقداسته في الأذى واعلاء حريته هو وأنانيته وجهله معاً على حرية الآخرين.. رابط المقال على الفيس بوك