لم يكن تفكير المغترب بعيداً عن هموم وطنه ولم يغب لحظة عن الانشغال بتلك الهموم والتطلعات، بل إن المغترب اليمني أينما كان في أرض المهجر شديد الالتصاق بتراب الوطن لا يشغله شاغل عن وطنه، لأنه يدرك تمام الإدراك أن وطنه عزه ومجده وهويته وشخصيته التي تميزه عن الغير، ولأن المغترب يدرك العمق التاريخي لمفهوم الاغتراب ويرى ضرورة الجد والاجتهاد من أجل العودة إلى تراب الوطن لأنه لا يشعر بالراحة والأمان والذات إلا إذا كان على ثرى الوطن فالاغتراب هو العنصر المتغير في حياته أما الوطن فهو الثابت الأزلي الذي يقدس ثراه و بالغالي والنفيس. إن هذه المشاعر الفياضة التي تغمر الوطن بكل مكوناته الجغرافية والبشرية تحتاج إلى رعاية من الحكومة والجهات المعنية بالاغتراب وتحتاج إلى أياد حانية في أطراف الوطن تمد له يد العون والمساعدة وتنزع عنه عناء الغربة وتفتح أبواب الوطن أمامه لكي تزيده شوقاً إلى قدسية التراب اليمني وتجعله أكثر استعداداً لتقديم الغالي والنفيس من أجل الوطن. ولا يجوز أن تكون الموانئ البرية والبحرية والجوية غير ذلك، بل لابد أن يتم اختيار الكفاءات الوطنية النزيهة والأمينة التي تجذر في أعماقها مفهوم الولاء الوطني لكي يقدموا الصورة الحسنة التي تعين المغترب وتعمق في ذهنه حب الوطن من الإيمان. إن استمرار الشكوى من المنافذ البرية والبحرية وجور المعاملة التي يلقاها المغترب تحز في النفس وتدفع الخيرين إلى قول الحقيقة من أجل تنظيف تلك المنافذ من المستغلين وعديمي الضمير الذين يسومون المغترب سوء العذاب، ولذلك سأظل أكرر القول بأهمية الاختيار لموظفي المنافذ البرية والبحرية والجوية لأنهم الصورة الأولى التي تعكس الانطباع لدى ضيوف اليمن والعائدين من الاغتراب كلما كان التعامل حضارياً وإنسانياً ووطنياً وأميناً وصادقاً كان الانطباع عميقاً وحسناً، وعلى الجهات ذات العلاقة أن تدرك أهمية الاختيار لموظفي السفارات والمنافذ البرية والبحرية والجوية لأنها وجهات للوطن التي ينبغي أن تكون مشرفة ومشرقة بإذن الله.