ماكنا نود لحكومة الكفاءات الوطنية برئاسة المهندس خالد بحاح ان تتقدم إلى مجلس النواب ببرنامج عريض طويل هي تعرف ان ما تضمنه من قضايا ورؤى وتطلعات وطموحات لن يكتب لها التنفيذ.. ولو كانت قد اكتفت بالتركيز على أولويات آنية تتواكب مع ما يتطلبه الوضع الحالي المعقد لمعالجته واختصرت برنامجها إلى الثلث لكان النجاح سيكون حليفها بلا شك وسيساعدها ذلك على تلمس طريقها الصحيح بسهولة وكسب ثقة الناس بها لا سيما وأن حكومة الكفاءات الوطنية قد جاء تشكيلها في وقت إعترف فيه رئيسها المهندس بحاح بأن كل شيء يسير في غير صالحها نظراً لما ورثته من تركة ثقيلة ومعقدة ومطلوب منها ان تحقق إنجازات عاجلة تعيد الأمل والابتسامة إلى شفاة اليمنيين وتشعرهم بأنهم قادرون على معالجة قضاياهم وتخطي الصعوبات والعراقيل التي تقف في طريقهم وتكاد تقضي على ما تبقى من هيبة الدولة وفرض وجودها وبسط نفوذها على كل الأرض اليمنية بعيداً عن الخلافات والمكايدات السياسية التي تعصف بكل ماهو قائم وتشوه كل ماهو جميل.. وهو ما يتطلب من الحكومة بعد منحها الثقة من مجلس النواب ان يكون تركيزها على تنفيذ الهدف العام في برنامجها المتمثل في إنجاز مهام المرحلة الانتقالية وتعزيز الأمن والاستقرار السياسي بما من شأنه أن يوفر بيئة مناسبة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام ووضع آلية يتم الاتفاق عليها مع مختلف المكونات السياسية لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وما تضمنه اتفاق السلم والشراكة الوطنية. أما الشطحات التي تعودنا عليها في الماضي فإنها تظل حبراً على ورق ولا توصل إلى نتيجة عملية بل وتبقى مجرد (فرقعات) إعلامية في الهواء. .. ولذلك فإنه من خلال تنامي الوعي الوطني لأبناء اليمن بقضاياهم الوطنية ومصلحة شعبهم ووطنهم العليا فإنهم لن يقبلوا في الفترة الحالية بغير العمل الذي يترجم على أرض الواقع حيث لم تعد تؤثر فيهم دغدغة عواطفهم بالكلام المعسول الذي لم يثمر عن شيء ينفعهم وإنما يظل كالزبد يذهب جفاءً.. بل ولم يعودوا يكترثوا بذلك الخطاب الذي يرتكز على تخويفهم من حروب قادمة تحت ذرائع مختلفة سواء كانت طائفية أو عنصرية أو حزبية من أجل خلط الأوراق والتأثير على توجهاتهم.. ونعتقد ان ما عانوه وتعرضوا له خلال السنوات الماضية وخاصة في الماضي القريب من هذه الدعايات المغرضة والهدامة وانعكاساتها السلبية على حياتهم اليومية قد جعلهم أكثر وعياً وحذراً أكثر من ذي قبل وصاروا يعوا جيداً بأن أولئك الذين يستغلون مشاكلهم وقضاياهم وتوظيفها للاستفادة منها خدمة لمصالحهم الخاصة في الداخل أو الخارج لا يحبون الخير لهم وإنما يريدون للشعب اليمني ان يظل عالة على الآخرين ويعيش في ظل أجواء مشحونة بالتوتر والقلق والخلافات الدائمة التي تعمق في النفوس العداوة والبغضاء لتحقد كل فئة على الأخرى وإحداث شرخ في أوساط أبناء الأسرة الواحدة خاصة عندما تكون التباينات السياسية مغلفة بغلاف مذهبي بحجة الدفاع عن الدين مع ان الجميع في اليمن مسلمون يشهدون بأن الله واحد ولا معبود غيره وكلهم يؤدون أركان الإسلام الخمسة التي ارتكز عليها الدين الإسلامي الحنيف التي قال عنها النبي محمد عليه الصلاة والسلام ان من حافظ عليها فقد أفلح كما جاء في الحديث الشريف ولا توجد بينهم أقليات تنتمي إلى دين غير الإسلام مثل ما هو موجود في بلدان عربية وإسلامية أخرى. واستشعاراً من خطورة الخلافات السياسية والحزبية والمذهبية التي لا تزال تلقي بظلالها على حياة اليمنيين وأرقتهم طويلاً وجعلت من اليمن وشعبها مضغة في أفواه الآخرين يلوّكوها في أفواههم كيفما يشاءون بهدف الإساءة إلى اليمن.. فإن اليمنيين اليوم بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية ومن خلال وعيهم المتنامي بما يحدث لهم وإدراكاً منهم للمؤامرات التي تحاك ضدهم من الداخل والخارج قد انتفضوا في غضبة شعبية ضد هذا الوضع المزري الذي أضعفهم.. ولأول مرة يرفعون صوتهم عاليا من وحي معاناتهم ضد الفساد والفاسدين ووجدوا فيمن يتبنى قضايا الشعب والوطن أياً كان توجهه السياسي بأنه المنقذ فالتفوا حوله ليبرهنوا بفعلهم هذا أنهم قد ضاقوا ذرعاً بما جرى لهم ويجري فاتخذوا قرارهم بعدم عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه في السابق حينما كانت تتحكم في مصيرهم عصابات تعاملت مع الشعب والوطن وكأنه شركة خاصة بها تديرهما من مكاتبها فنهبت هذه العصابات ثروة الشعب وجوعته وأضعفته وجعلت منه الأخير في المنطقة بعد ان كان قبل عدة عقود في المقدمة وكانت له كلمته المسموعة عربياً ودولياً.. وعليه فلن يقبل اليمنيون بعد اليوم إلا ببناء دولة قوية وعادلة تعيد لهم اعتبارهم وتخلصهم من الاعتماد على الغير.. والاكتفاء بما يمتلكونه من موارد عظيمة حباهم الله بها تغنيهم عن مساعدة الآخرين فيما لو وجدت إدارة قوية تدير الأمور بحكمة وتمتنع عن تجيير وتوظيف كل شيء لصالحها على حساب شعب ووطن. بقي ان نذكر حكومة الكفاءات الوطنية - التي نتمنى لها الفوز بثقة مجلس النواب حتى لا ندخل في أزمة جديدة- ان جهات رسمية اعترفت مؤخراً بأن موارد الدولة المحلية بلغت خمسة وخمسين مورداً لكن لم تستغل الدولة منها سوى خمسة موارد بينما الموارد الخمسين الأخرى يستغلها الفاسدون.. وإذا كان هذا يحدث بالنسبة للموارد المحلية فكيف بالنسبة للموارد السيادية وهي كثيرة مثل النفط والغاز والثروة السمكية والثروات المعدنية المختلفة التي يتم التلاعب بها وإخفاء عائداتها.. وما شاهده الشعب اليمني مؤخراً من قصور واستثمارات وأموال سائلة وغير سائلة وأرصدة في البنوك الداخلية والخارجية تم الكشف عنها لبعض الذين كانوا يتحكمون في مصدر القرار السياسي في اليمن إلا أنموذجاً للفساد المستشري في اليمن والمتوغل بسبب غياب الدولة وغياب أنظمتها وقوانينها.. وإن كنا لا نعفي الشعب اليمني من تحمل المسؤولية في هذا الجانب لأنه بسلبيته وانطلاق تفكيره من عواطفه تعصبا لهذا الطرف أو ذاك قد أعطى لهؤلاء الضوء الأخضر للتحكم في مصيره ومصير ثروته وضياع دولته وانتهاك القيم والمبادئ الدينية والإنسانية حيث لم يكونوا يخافون الله ولا يخافون لومة لائم فسلط الله عليهم من حيث لا يحتسبون عملاً بالقول المأثور: ان الله يمهل ولا يهمل.! [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر