الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    وزير الشباب والرياضة يبحث مع المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) تعزيز العلاقة بين الجانبين    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    34 ألف شهيد في غزة منذ بداية الحرب والمجازر متواصلة    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    الخميني والتصوف    الريال ينتظر هدية جيرونا لحسم لقب الدوري الإسباني أمام قادش    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    مقتل واصابة 30 في حادث سير مروع بمحافظة عمران    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    الخطوط الجوية اليمنية توضح تفاصيل أسعار التذاكر وتكشف عن خطط جديدة    الانتقالي يتراجع عن الانقلاب على الشرعية في عدن.. ويكشف عن قرار لعيدروس الزبيدي    غارسيا يتحدث عن مستقبله    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    احتجاجات "كهربائية" تُشعل نار الغضب في خورمكسر عدن: أهالي الحي يقطعون الطريق أمام المطار    العليمي: رجل المرحلة الاستثنائية .. حنكة سياسية وأمنية تُعوّل عليها لاستعادة الدولة    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    الرئيس الزُبيدي يعزي رئيس الإمارات بوفاة عمه    رئاسة الانتقالي تستعرض مستجدات الأوضاع المتصلة بالعملية السياسية والتصعيد المتواصل من قبل مليشيا الحوثي    مأرب ..ورشة عمل ل 20 شخصية من المؤثرين والفاعلين في ملف الطرقات المغلقة    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسافة ففاصلة ..ثم نقطة!
نشر في الخبر يوم 05 - 08 - 2016

لستُ ممن يقولون بالمسامحة على إطلاقها، بخاصة مع أولئك الذين مددنا إليهم أيدِ خضراء بالمعروف، وكانت قلوبنا عندها بالغة النداوة، فخانوا الأخضر منا، وأطفأوا فرحة المعروف لمجرد أنهم كرهوا أن تكون هناك رائحة مسك، ليست كتلك التي في زجاجات، بل كشذى وطهارة الورود على أغصانها، ولأنهم يرون طعم المعروف مذاقاً يستدرجهم، وقد يملأ الكون من حواليهم خيراً، فلا يجب الاستسلام إليه، بل الأصل، لديهم، خيانة الأخضر.
لستُ من دعاة المسامحة التامة الكاملة، وتزيين الأوراق وتحبير الكتب باللون الوردي، ثم الاستشهاد بأن الحياة بقاؤوها قليل، فلا داعي لإردائها وقتلها بتذكر ما يعكر صفوها، كما أني على الطرف الآخر لستُ مع تذكر ناكريّ الجميل والمعروف طوال الوقت.
أتذكر الفاصلة الصغرى والكبرى، المنقوطة وغير المنقوطة كلما عبر إلى حيّز الوجود الذي أراه.. إنسانٌ حاول جرح يد أمتدت له بالخير، أتذكر عندها الفاصلات في الحياة، وأن الأخيرة قليلة، وأن مثله في الوجود أيضاً قليل لكن لا ينبغي، أبداً، فتح صفحة جديدة معه، وكأن شيئاً لم يكن.
عندها أستعيد أقول العلماء الثقات عن سلامة الصدر وحسن الشعور نحو الآخرين، يعجل بالقدوم إليّ شعورٌ بأن الاستفادة من الدروس المريرة يقتضي مرحلة وسطى، بين اعتبارها كأن لم تكن، وتذكرها طوال الوقت بما يفسد رونق الخضرة في معالم الطريق والنفوس، كما أن اعتبار الأمر كأن لم يكن، وبالتالي السماح لأولئك الذين لم يكونوا أهلاً للثقة بأن يكونوا في مرمى "حسن الظن" من جديد..غير وارد من الأساس.
حينها أجد في النفس تماماً .. مدينة عامرة مزدهرة اسمها:
مَنْ ذاق عرف..!
البعض يصف دواءً للشعور الذي لم يقاربه من قبل أو حتى يخطر له على بال.
وأتذكر خير الخلق، صلى الله عليه وسلم، وهو يقول يوم فتح مكة "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، أورده ابن إسحاق في السيرة وضعفه علماء الحديث، ولم يكن الرسول العظيم ليقول "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن". رواه مسلم، إلا وقد قدر عليهم، واستطاع رد شرورهم عن نفسه والصحابة الكرام، ورغم هذا أمر بقتل نفر منهم، ولو وجدوا متعلقين بأستار الكعبة المعظمة، والشاهد أن ليست المسامحة باباً مفتوحاً فلا يغلق بلا حد.
كما أتذكره، صلى الله عليه وسلم، أحد العرب وقد تمكن منه الرسول العظيم بعد غزوة بدر، ثم انقلب عليه، فلما قدر عليه مرة أخرى، فقال له الرسول العظيم قولته التي لا تُنسى:
والله لا تمسح عارضيك بظهر مكة وتقول خدعتُ خدعتُ محمداً مرتين!
أو كما قال، صلى الله عليه وسلم، وأمر بقتله. رواه ابن هشام في سيرته وضعفه آخرون.
فليست المسامحة على طول الخط بحل، وليس الاحتفاظ بالمشاعر القاتمة اللون بأمر جائز لدى عاقل، ولكنها المسافة الوسطى بين الذكرى السيئة والدرس المستفادة، التي تجعلنا نبتسم ل"هؤلاء" ولكن نتعامل معهم بحذر يتناسب "طردياً" مع اخطائهم.
وتلك بداية المسافة، لمن يعرف وسر هذه الحياة.
هذه المسافة مؤلمة بالتحديد، فبعض التجارب مع البشر لا حاجة لمن لم يعرفها لكي يتحدث عنها، او لأن يفكر في كنهها وتكوينها، بل بعض التجارب الخلو منها مدعاة للحمد.
تلك هي المسافة تماماً حين نقلب النظر فيها بين غيظنا من أحدهم ثم اكتشافنا أن الأمر لا يستحق عناء الرد.. بما يمنعه من مراجعة الأمر بخاصة في بسيط المواقف لديه.
وهي المسافة نفسها التي تعلمنا أن بين إعمال الفكر لرغبة نفع البشرية، وبين التطلع إلى الإجرام، وزيادة الأرصدة الخاصة في البنوك، والسير على رفاة البشر مسافة ليست بالبعيدة على المحتالين.
تلك التجارب التي تصقل وعينا بالحياة فتزيدنا ألقاً وتفهمنا أن بين الخيانة والتمسك بما آتانا الله مسافة تضيق أحياناً في وقت الأزمات، لكن السعيد الذي يتمسك بالقرب من رب الوجود.
وتلك نفسها هي المسافة بين الرغبة في التخفف من ملل النفس حين المحن، وبين التصبر والتمسك بما لدى الله تعالى.
وهي المسافة بين الضيق من الأشخاص والأشياء أحياناً، والاستعانة بالله وعدم العجز الذي علمنا الرسول العظيم إياهما.
فإن سامحنا كل مخطىء وتعاملنا معه رغم حرصه على ما لا يرضي الله، فإن فعلنا وأوغلنا في المسامحة، فقد ننسى أن في المسافات والفراق مسافة خاصة بالتباين والاختلاف والمفاصلة، ومن ثم الولاء والبراء.
كن وسطاً يحلو لك ما بعد الحياة .. فإنما الدنيا سنحياها على كل احوالها فما أجمل أن يكون هذا بالله، وفيه تعالى.
مسافة الوجود عمر ركوبك دراجة أو قل سيارة أو حتى باخرة فقطاراً، عمرك نفسه مسافة سهم أطلق عليك بميلادك، ومقدار حياتك مدى سفره حتى الوصول إليك.
وأنت في مقعدك نحو الخاتمة تذكر أن رحلة السفر، هذه، ليست المقصودة، وإنما ما بعدها فلا ترتح إليها، ولا تركن، ولا تستعذب من الأعداء ما لا يمكن قبوله، وبعض الأعداء، لو تدري بالغ التخفي يحمل ملامحاً قريبة، ويرتدي ثياباً مشابهة.
ليست الحياة لمرضاة الآخرين من حولك، وحبذا لو رضوا، ولكنها سر نحو نقطة، فإن كان العمر مسافة بتجاربه، الحلوة حيناً والمرة أحياناً، وإن كان المختلفون من البشر فاصلة فيها، فعايش التجربة واستفد منها إلى أقصى قدر فإنما انت في النهاية مقبل على نقطة تنهي حوار حياتك، والموعد الله الأعظم!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.