تبدو اليمن بعد مرور عامين على الثورة الشبابية الشعبية على عتبات انعطافه جديدة وتحول تاريخي كبير صوب المشروع الوطني الذي قطعت الثورة شوطاً لايستهان به في إمكانية جعله واقعاً ملموساً في حياة الشعب رغم التحديات الجسيمة والمعيقات الضخمة..ف"القافلة تسير والكلاب تنبح" كما يقال في المثل الشعبي. والأهم هنا هو التحذير من أن السلاح والقوة ليس حلاً بالمطلق لمشاكل اليمنيين مهما بلغت درجة المعاناة وطال الوقت بقافلة التغيير، فالثورة اسست لمسار سلمي وراكمت وعياً حقيقياً لابد من المحافظة عليه والذود عنه بكل السبل.. فهو أملنا الوحيد في الانتصار على نهج القوة والعصبية وماضي الصراعات والموروث المعقد، إنها ثورة أفكار يتطلع شعبنا من خلالها للتأسيس لمستقبل أبيض للأجيال القادمة.
إن الإنجازات العظيمة والمشاريع الكبيرة في حياة الشعوب تمر بمخاضات عسيرة وتستوجب تضحيات جسيمة.. كل ما يحدث في اليمن من مخاض هو محصلة طبيعية لعقود طويلة من الإخفاقات الكارثية.. إنها عملية تصحيح وبناء دفع شعبنا جنوبا وشمالا من أجلها دماء زكية لإبداع حل جديد وواقعي لكل اليمنيين في صورة الثورة الشعبية السلمية إذ لا مستقبل لليمنيين إلا في وحدتهم، غير ذلك سيكونون فريسة للمتربصين وأصحاب المشاريع الصغيرة ليعيدونا قرونا الى الوراء.
السعي للخروج من الواقع الراهن والملتبس يحتاج إلى تكاتف جهود وخطاب مستقبلي مسؤول ومعالجات حقيقية تتجه صوب الناس وتقديم تنازلات من أجل اليمن..لا مواجهة التحدي بالتحدي.. حذارِ من التحدي منطق الفاشلين.
عيوننا على شعبنا، وللنخب العتقية التي ركبت الموجة لتعيد إنتاج منطق الثأر فيما بينها لتبدو الصورة كما لو أن هناك حبلا سريا يربطها لتستمر في قتل أحلامنا ومصادرة آمالنا.. نقول: كفاية فشل وإخفاقات كارثية وصراعات سياسية وأيدلوجية عدمية.
إنها ثورة عظيمة بكل المقاييس، وظاهرة طبيعية يحركها الإلهام ويصنعها الإنسان .. الثورة مستمرة.. مستمرة.. مستمرة. المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والعزة والانتصار ليمن جديد يلبي تطلعات كل أبنائه.