تتيح التكنولوجيا المزيد من التواصل بين الشعوب حول العالم كما أنها تسهم في التعلم والإسراع في التنمية بمستويات غير مسبوقة وحل المشكلات الخطيرة التي أرقت البشرية على مدار عقود. مع ذلك، فإن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، والمقصود هنا ليس القوة التدميرية بل قوة التكنولوجيا نفسها التي يمكن أن تتلاعب بحياة شعوب وتهيمن عليهم، وهو ما تناوله تقرير نشره "Inc" بخصوص سيطرة شركات مثل "جوجل" (GOOGL.O) و"آبل" (APPL.O)، و"أمازون" (AMZN.O)، و"فيسبوك" (FB.O) على العالم.
التلاعب بحياة البشر
- تحدث أستاذان بجامعتي "تينيسي" و"أوكسفورد" هما "موريس ستاك" و"أرييل إزراتشي" في مقال بحثي عن تلاعب التكنولوجيا بالحياة اليومية حول العالم قائلين إن الحكومات تمنح شركات تكنولوجية هيمنة عير محدودة للتحكم بالعديد من المجالات.
- ضرب "ستاك" و"إزراتشي" مثالاً بشركة "فيسبوك" التي تتلاعب بمنشورات المستخدمين وفحصها وأجرت دراسة عام 2012 عن كيفية انتقال المشاعر الإيجابية والسلبية بينهم وإلى الآخرين.
- الأمر المثير للاهتمام أنه عندما ظهرت دراسة "فيسبوك" للنور، أعرب العديد عن انتقادهم وغضبهم الشديد وأطلق الإعلام العنان لحملات هجومية ضد موقع التواصل الاجتماعي الشهير.
- يشبه الأمر ما يتم تداوله حالياً من انتقادات لاذعة لوسائل التواصل الاجتماعي خاصة "فيسبوك" وإسهامها في نشر أخبار مزيفة وكاذبة ضللت الأمريكيين خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي نتج عنها فوز "دونالد ترامب".
- نوه الكثيرون عن تأثير خفي لهذه المواقع، ومن بينهم الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" الذي وصفها بالخطر على الديمقراطية ليخرج مؤسس "فيسبوك" "مارك زوكربيرج" مدافعاً ومحاولا السيطرة على الأمر بتنقية الموقع من الأخبار الكاذبة.
ماذا حدث منذ ذلك الحين؟ - منذ الكشف عن دراسة 2012، تزايد الإقبال على استخدام "فيسبوك" حتى بلغ 1.8 مليار مستخدم نشط شهرياً، أي حوالي ربع سكان العالم، وهي قوة كبيرة لشركة واحدة.
- يرى الخبراء أن التلاعب التكنولوجي من الشركات سيتزايد في المستقبل القريب مع نمو المعاونة الرقمية لشركات مثل "أمازون" و"جوجل" و"آبل" والتي بدأت تتوغل داخل حياة البشر اليومية من توصيل طلبات وأطعمة والخوض في النظم التعليمية بالإضافة إلى نشر الوسائل الترفيهية.
- لا يقتصر الأمر على الجانب الترفيهي أو الرقمي، بل تطرق إلى مخاوف على الصعيد السياسي والاجتماعي بل والاقتصادي، فكلما زاد دور هذه المواقع في الحياة، تزايد جمع بيانات عن مستخدميها والتنبؤ باحتياجاتهم والتعرف على خدماتهم.
- أوضح "ستاك" و"إزراتشي" أن العديد من الشركات التكنولوجية تحفز المستخدمين على المزيد من التواصل والانخراط لديها لدرجة أنها أصبحت تؤثر في الحالات المزاجية وعلاقات الأشخاص بأصدقائهم.
توغل لن يتوقف
- مع تزايد الثورة الرقمية في حياتنا اليومية، من الممكن أن تتغير نظرة العالم إلى كل الأشياء والتأثير في الأحوال السياسية والاقتصادية سواء بنشر الإشاعات أو حتى الحقائق غير المعلومة.
- يرى الأستاذان الجامعيان أن توغل تلك الوسائل في حياتنا لن يتوقف، ويمكن عدم الاستمرار في استخدامها ببساطة، ولكن مع تزايد شعبيتها سيكون هذا القرار تحديا.
- يجب الأخذ في الاعتبار عند استخدامها القدرة على التمييز بين المشاعر والتعرف على تأثير قوة تلك الوسائل الرقمية واستخدام المعلومات بشكل لا يغير أو يرشد المرء سلوكياً.
- بمعنى آخر، على الجميع مكافحة تأثير التكنولوجيا في الحياة اليومية واستكشاف أضرارها وفوائدها على حد سواء ومعرفة آلية عملها.
- ويبقى ماثلا في الأذهان الهجوم الذي تتعرض له "فيسبوك" حاليا بعد سجال عن نشر أخبار مفبركة على الشبكة الاجتماعية الأكبر على الإنترنت أسهم في فوز "ترامب" برئاسة أمريكا على حساب "كلينتون".
- هذا الأمر يضع وسائل الإعلام التقليدية خصوصا التلفاز ومؤسسات استطلاع الرأى على المحك مع طغيان الشبكات الاجتماعية مثل "فيسبوك" وقوة شركات التكنولوجيا وسيطرتها على المعلومات والبيانات.