اليوم ايضا اختطف مجهولين ضابط جديد في فرع جهاز الامن السياسي بعدن ، واللواء غالب القمش الذي ارهقته الكهولة وصدع تركيزه ارق العمل الامني ، ما يزال في منصبة ! أي لعنة حلت بهذا البلد ، الذي يتأبد فيها اناس انتهت صلاحية قدراتهم الانتاجية منذ سنوات طويلة . رحل رئيس جهاز الامن الوطني المقدم محمد خميس وتلاشت برحيله سرية وحساسية العمل الامني ، وفي عهد اللواء القمش ، يتظاهر منتسبي جهاز الجهاز ويعتصمون وكأنهم اعضاء في منظمة مجتمع مدني وليس جهاز مخابرات ، في سابقة لم تحدث حتى في اكثر الدول فشلا في العالم. يدرك القمش انه بات عبئا على الجهاز والجهاز عبئا عليه نفسيا وجسديا ، لكن الرئيس هادي لم يفهم بعد ، ان الانسان مهما كانت امكانياته يفقد القدرة على الاداء الامثل وابتكار الحلول اذا استمر في منصبة اكثر من 10 سنوات. لقد جنى القمش على منتسبي جهاز الامن السياسي ، حينما تهاون في مسألة انكشاف هويات عناصره وهم يتباهون بانتمائهم للمخابرات ، اتذكر كيف كان العديد من ضباط الجهاز يرمقوننا بنظرات توحي بخطورتهم ، كحدأة في يوم قائض تبحث عن ما يسد رمقها ، لكن مبتغى هؤلاء ليس اكثر من شعورهم بهيبة زائفة ، و الان تدفع اسر هؤلاء الثمن والوطن بشكل عام ويزداد قلقنا يوما بعد اخر من استمرار تصفية كبار ضباط اهم جهاز امني في البلد. في عهد المقدم محمد ، كان هذا الرجل المرعب لا يرحم اي من عناصر الجهاز اذا تبين ان هويه اي منهم باتت معروفة في الاحياء التي يقطنوها ، كان يصل به الامر حد فصلهم وعقوبات اشد قسوة.. لم يكن خميس رجلا طيبا البته ، او مصدر الهام للبسطاء من الناس و السياسيين ايضا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ، فقد نكل بالماركسيين وغيرهم بقسوة القوي المعتوه ، لكنه لم يكن متجردا من بعض صفات رجل الدولة خاصة كقائد لجهاز الامن الوطني ( المخابرات ) فقد ادار جهاز ، عناصره من الاشباح ، لم يعرف احد من ينتسب اليه. ليست فكرة ابتكرها خميس ، فهي من اقدم ابجديات العمل المخابراتي التي ادركها هذا المقدم قبل ثلاثة عقود ولم يدركها اللواء القمش . في عهد القمش اصبح كل عناصر جهاز الامن السياسي ، معروفين للجميع ، وعند الباعة المتجولين ايضا ، ووصلت المهزلة ان اصبحت اسماء مدراء الشعب الاكثر سرية في الجهاز ، يعرفها الباعة المتجولين ايضا ، وهذا ما اثبتته عمليات التصفية التي تعرض لها العشرات من اهم عناصر الجهاز على مدى الثلاثة الاعوام الاخيرة والتي كادت ان تطال رتب رفيعة كالعميد ناصر منصور هادي وكيل الجهاز لمحافظات عدنابينلحج الذي نجى من الموت قبل ثلاثة اعوام وربما كانت نجاته ضربة حظ أو خطأ لن يتكرر. ويكفي ان نتذكر حادثة استدراج المخابرات المصرية للقيادي في الجهاز عبدالسلام الحيلة ، لنتأكد كم بات وضع جهاز الامن السياسي هشا ومقلقا للغاية . فضابط يدير واحدا من اخطر الملفات السرية لدى المخابرات اليمنية ، كانت صفته الأمنية مكشوفة لدى اجهزة الامن الخارجية ، بانه مسئول ملف الارتباط بين جهاز الأمن السياسي والمقاتلين اليمنيين العائدين من أفغانستان في الثمانينيات ، لتستدرجه مخابرات احدى الدول العربية بطريقة تقليدية وساذجة وتعتقله قبل أن تقدمه هدية للمخابرات الأمريكية ، وحتى اللحظة ما يزال حبيس جونتانامو. ربما كان القمش صالحا لمرحلة معينه ، لكن هل سيظل رجل امن كل المراحل ؟! الوضع غاية في الخطورة ، فجهاز المخابرات الذي نعول عليه مواجهة المخططات القذرة للجماعات الارهابية ومرتزقة المشاريع الخارجية ، بات عاجزا عن حماية نفسه ! فلم يعد الأمر يتطلب اشهراً طويلة من التحري والبحث الشاق عن اي من منتسبي الجهاز لتنسفه عناصر القاعدة ، ولو ان القمش حافظ على صرامة سلفه خميس لما كان مدير التحقيقات في لحج العقيد علي عبدالكريم البان قبل ثلاثة اعوام تقريبا وآخرون ، في ذمة الله . هل تعلمون ماذا يعني ان يكون مدير التحقيقات في جهاز المخابرات معروف الهوية خارج الدوائر الضيقة داخل الجهاز نفسه ؟! يعني ان هذا الجهاز لم يعد مختلفا عن سمسرة وردة في صنعاء القديمة ، فما بالكم بان تكون مثل هذه الشخصية الامنية معروفة للقاصي والداني .. ترجل يا هذا فقد أديت ما عليك ، ولليمن رب يحميها ..