تقول أسطورة قديمة أن الأنثى هي بنت الآلهة، استيقظت يومًا ما ضجرة وهربت من ضفاف الأبدية إلى السماء الدنيا، غضبت الآلهة فتبعتها بريح باردة وبثتها إلى الوجود، تلاشت هذه المخلوقة الخفيفة في الفضاء، ثم تكثفت في مناطق متفرقة من الأرض، هكذا كانت البداية وهكذا وزعت الآلهة حصص الجمال على الطبيعة. منذ أن قرأت هذه الأسطورة_وقد كان ذلك في زمن بعيد من قبل ميلاد أفنان الوصابي بعقود وربما من قبل أن أعرفها بسنوات_ذهب خيالي نحو وصاب، وشعرت أن الجزء الأكبر من الفتنة كان من نصيبها. لا أعرف وصاب، ولم يسبق أن زرتها؛ لكنني أحتفظ تجاهها بشعور خاص، حالة باطنية تشبه دهشة الأطفال لحظة تعرفهم على الأشياء الغريبة، لديّ إيمان قديم لا أعرف بدايته ولا سبب نشأته، بأنها إحدى مناطق اليمن التي حابتها الطبيعة فيما يخص الجمال، باحت لها بسرّ من أسرارها لحظة الخلق، ثم أودعت فيها أحد مناجم الفتنة وذهبت تنتظر النتيجة في أعالي التلة؛ حتى ولدت أفنان. لا أعرف جغرافيا وصاب؛ لكنني أظنها قريبة من السماء أكثر، جغرافيا جبلية عذراء لديها منفذها الخاص نحو عوالم الخلود، وتولد النساء فيها تحت إشراف مباشر من كائنات علوية، ترعى مخلوقاتها وتحرسها من تدخلات الكائنات الشريرة. لا شيء يفسر خصوصية الجمال الوصابي غير هذا، ليس فيما يخص النساء فحسب، بل حتى غالبية ذكورها يتمتعون بمستوى جمال لافت، جمال وذكاء، ولعلها من الإستثناءات القليلة التي تكون فيها الطبيعة سخية لدرجة منح هاتان الصفتان لمخلوق واحد. والآن، لست أدري ما إذا كنتم ستصدقوني أم لا؛ لكنني ولد طيب لا يكذب، لقد ربتني أمي مثلما فعلت نورية مع نشوان. ربما أفاجئكم في القول؛ لكنني لا أقول لكم إلا ما أشعر به. منذ زمن ولديّ رغبة دفينة، نيّة صادقة أن أحب فتاة وصابية ولم يسبق أن فعلت حتى اللحظة، ظل هذا الحلم مركومًا في زواية مهجورة من قلب الفتى المشرد، وكنت قد نسيته ولم أكن أعلم من هي التي سأحبها، كما لم أعلم أنه سيستيقظ يومًا؛ لكن هذا ما حدث الليلة. لقد استيقظت وصاب داخلي، وهذه ليست خيانة لسالي، بل وفاءً لفتنة قديمة أيقظتها جميلة تنتمي لذات البلدة التي تسكن داخلي منذ زمن. ستقولون لي هذا تبرير للرغبة، وسأذكركم أن المشاعر ليست بحاجة للتبرير، كما أنني شاب متدين، والأمر بالنسبة لي تجسيد لحلم قديم، حلم متصل بالسماء، وهناك إشارة تحمل تفسير لها في كتاب الله وهو يقول: "ولمن خاف مقام ربه جنتان، فبأي آلاء ربكما تكذبان، ذواتا أفنان" يبدو لي أن الجنتين اجتمعتا في غربة البن، إحداهما معروفة ورغبتي بدخولها ثابتة والأخرى جديدة، اسمها يتجلى في الآية السابقة، ومنذ بداية المساء وجدت نفسي أتلو آيات سورة الرحمن وأخشع عند قوله: ذواتا أفنان. يحدث هذا دونما تعمد منّي، بل هو مفعول حلم قديم بعثته الصبية الليلة، فذهبت أسافر معه، كما أحببت أن أخبركم به تمهيدًا لكتابة الرسالة الأولى عنها، فلربما يكون الوصول للجنة الثانية أيسر طريقًا وأقل تكلفة وأسرع تحققًا. والله ولي التوفيق ومن وراء القصد.. موسم الهجرة إلى وصاب.. * من صفحة الكاتب بالفيسبوك