ما الذي جعل الناس يخرجون في 11فبراير 2011م؟ ما حدث في تونس ومصر؟ عدم مشاركتهم الفعلية في السياسة ؟ الفقر والظلم؟ صراع داخل بنية النظام بدأ منذ أن تم تقويض الشراكة بين المؤتمر الشعبي وتجمع الإصلاح كطرف وبين الحزب الاشتراكي كطرف ثان، مما جعل التناقض الثانوي بين المؤتمر والإصلاح يصبح رئيسيا بتراكم انتخابات 1997 و1999 وصولا إلى انتخابات2006م، والتي اصبح فيها تحالف "رؤوس الثعابين" هشا، وكل أمراء مراكز القوى تخطط لمسألة من سيرث الحكم، وهنا كانت عناصر التوريث ومداميكها مستنفرة : - القبيلة السياسية - الإسلام السياسي؛ الإخوان المسلمين، والهاشمية السياسية - كبار الضباط - كبار التجار ؟ كل ما سبق كان يدفع للخروج في 11فبراير، والهتاف لإسقاط "الرئيس" لإسقاط "النظام" لإسقاط الدولة على هشاشتها، وبما هي دولة ضامنة لتوازن "قوى خمر" سابقة الذكر؟ لماذا لا يخرج الناس اليوم في تعزوصنعاء وعدن وحضرموت وجميع محافظات الجمهورية، وقد أصبحوا في قهر وجوع وجهل وتجهيل ومرض وإمراض ليس له مثيل؟ يزداد الناس مع تضخم العملة وارتفاع الأسعار فقرا وجهلا ومرضا، ويتمزق الوطن تحت حكم "الطائفيين الجدد" في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت الخ. تقولون: 11فبراير ثورة مستمرة أسقطت الخوف. فلا نرى سوى سقوط للإنسان في أشد أنواع وضلالات الجهل والخوف واستلاب كرامته بالتجويع! واقع الغلبة أننا نُدْفَع منذ سنوات إلى ما وراء الوراء! القوى الشعبية المنتجة التي خرجت لتحسين معيشتها وتعليمها وتطبيبها وللمطالبة بفرص عمل لخريجي الجامعات والمعاهد، التي خرجت لتكون شريكة في السياسة والمعيشة تم إسقاطها في قيعان الطائفية، لنصبح عكفة الولي والمذهب والقَيل، وذخيرة في حرب المناطق والجهات. نتمترس خلف أساطير الاصطفاء والأقيال وحاشد وبكيل و مذحج. تلك القوى الشعبية أصبحت وقود الحرب التي ليس من أهدافها الدولة الوحدوية الضامنة لمعيشة الناس وأمنهم وحريتهم. تحول 11فبراير 2011 إلى مخدر لاستمرار تخليق الأوهام والأساطير المحتربة بدماء الناس. مخدر لتسكين الوجع والألم، حتى تعلو أسوار و جدران العبيد، ولنعيش زمن الأوهام القاتلة! ما يحتاج الناس هو الخروج من هذا الواقع المأساوي. لكن كيف؟ في واقع تسلطي استخدمت فيه قوى الغلبة المتسلحة بالأساطير الطائفية والدعم الإقليمي والدولي- وسائل التجويع والتجهيل والترهيب، في الفضاء السيبراني وفي الحياة اليومية. وتم تسييج الناس داخل معتقلات الجوع والخوف واحتراب الجغرافيات وأساطير الماضي العبودي والإقطاعي. واقع صرنا فيه ذخيرة وبنادق تتمترس خلف الحدود المختلقة للمنطقة والجهة والعرق والولاية والأقيال، ولو تم رسمها ب"طرابيل بلاستيكية"، نعلي من مديحها بالزوامل والمهاجل والأناشيد والأغاني، ويتم رسم خارطتها بأجساد المقهورين. متى ستستعيد القوى الشعبية المنتجة رؤيتها، بصرها وبصريتها، وتحدد هدفها على أرضية وطن جامع، أساسه وحدة الأرض والمصير، ليتخلق منها حرية الإنسان المقتدر إنتاجا وإبداع؟ لن يتوقف هذا الانهيار، وسنستمر من موت إلى موت، ومن مستنقع إلى آخر، يتعاضد فيه المستعمر الخارجي مع المستعمر الداخلي، لإبقائنا في هاوية بلا قاع، أو لنقل قيعان بعضها تحت بعض- ما لم نحدد هدفنا بوطن ديمقراطي وحدوي، ومواطنة مدماكها المواطن المنتج، إن لم يكن مبتدأنا من هذا الهدف الاستراتيجي فلا أمل قريب ولا بعث يرنو في الأفق.